أ.د. إحسان عمر الحديثي – جامعة بغداد-كلية التربية للبنات
ملخص
مشكلة الدراسة : بات لزاماً البدء بمراجعة شاملة لرؤية مؤسسات التعليم العالي العراقية وأهدافها وأدوارها، وصولاً إلى ابتكار رؤية جديدة تستجيب لحاجات المجتمع، وتتناغم مع قضاياه المعاصرة، وإشكالاته من جهة، وتحفِّز على المشاركة، أو المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من جهة أخرى؛ سعياً لتحقيق مؤشرات جودة تمكنها من أداء دورها المناط بها على أكمل وجه.
ويمكن صياغة مشكلة البحث بالسؤال الآتي:
هل لبناء الشراكات بين الجامعات والمجتمع –القطاع العام والمدني_ دور في تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
أهمية الدراسة: تتلخص جوانب أهمية البحث بالآتي:
أهمية تحقيق مبدأ الشراكة بين الجامعات والمجتمع _القطاع الخاص والمجتمع المدني_ وبنائها عن طريق ابتكار آليات تعاون تضمن مسارات منظمة للعمل.
أهمية الجامعات بوصفها واحدة من أبرز ادوات الدول وأهم مؤشراتها القادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أهمية القطاع الخاص والمجتمع المدني في رعاية نتاجات الجامعات وتبنيها.
هدف البحث العام: يهدف البحث الحالي إلى:
تأسيس بناء الشراكات بين الجامعات والمجتمع _القطاع الخاص والمجتمع المدني_ في العراق ودورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عن طريق الأهداف الفرعية الآتية:
الهدف الفرعي الأول: هو وضع محددات الإطار العام للرؤية المستقبلية لبناء شراكات بين الجامعات والمجتمع التي تمثلت برسالة الجامعة ورؤيتها وأهدافها وسياساتها، ومراجعة القوانين والتشريعات ذات الصلة، وابتكار مسارات التعليم قبل الجامعي، وتأكيد أهمية التدريب، وفسح المجال أمام إطلاق المبادرات، وزيادة التخيصات المالية.
وجاء الهدف الفرعي الثاني عن الإستراتيجيات الستة في تحقيق رؤية بناء الشراكات منها:
تطوير «إطار مؤهلات التعليم العام من ناحية وربطه بإطار التعليم العالي والبحث العلمي من ناحية أخرى « والعمل على تنفيذهما. وتطوير «دليل المهارات والقيم الجامعية والبحثية» وتنفيذه. وتحديد مخرجات المناهج الدراسية بما يتوافق ومتطلبات سوق العمل والأهداف التنموية.
في حين جاء الهدف الفرعي الثالث في ماذا يجب عمله لبناء الشراكات وحتى نتمكن من وضع إطار عام يساعد في بناء شراكات فاعلة ومؤثرة بين الجامعات والمجتمع تسهم بتحقيق متطلبات التنمية المستدامة 2030 وأهدافها لا بدَّ لها من: دعوة الحكومة العراقية إلى تبني حوار سياسي وطني حول سياسات الحكومة العراقية ورؤيتها وبرامجها بشأن أهداف التنمية المستدامة 2030، وبناء شراكات في مجال البحث العلمي، على المستوى الوطني والإقليمي.
أمَّا ما يتعلق بالهدف الفرعي الرابع (نماذج لبناء شراكات بين الجامعات والمجتمع) فقد قدَّم الباحث أنموذجين، الأول: مساهمة طلبة الجامعات وحملة الشهادات العليا في محو الأمية وتعليم الكبار، والآخر: فتمثل بالعمل على إطلاق مشروع «البطاقة الوطنية الاقتصادية للجامعات العراقية».
تمهيد مرجعي:
تُعدُّ منظومة التعليم العالي في العراق في مدخلاته ومخرجاته، محوراً أساسياً ومنطلقاً نحو تحقيق الاستجابة لمستجدات العصر في إطارها الافتراضي المستقبلي، أمَّا في واقعها فهي لم تعد قادرة على الاستجابة لمستجدات العصر ولا تضييق الفجوة الرقمية (فجوة المعرفة) ولا حتى المساهمة المتواضعة في تحقيق أجندة التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة حتى سنة 2030م وأهدافها.
إذ ما زالتِ الجامعات العراقية شبه معزولة عن مجارات الواقع الرقمي بالسرعة والكفاءة؛ للتقدُّم المنجز ولا في تحقيق الشراكة المتواضعة مع المجتمع التي تدفع باتجاه تفعيل أهداف التنمية للألفية وأجندتها المعتمدة عالمياً؛ لتكون شبه جزر معزولة عن الواقع، بحيث لا يتحقق التعاون عبر شراكات جادة وواعدة وممكنة يجعلها تسهم في تحقيق الطموحات العراقية في تواصلها عبر تفعيل الأجندة الدولية.
وفي هذا السياق، تؤكِّد الوقائع المتسارعة باتجاه تنفيذ الإعلان الدولي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر شراكة حقيقية واعدة وهادفة وجود تخلف لبعض الدول عن المواكبة الجادة والفاعلة لتحقيق هذه الأهداف على المستوى القطري.
وموقع العراق بدرجة أو بأخرى بين هذه الدول وهي بالنتيجة مطالبة بأحداث شراكات فاعلة لمؤسسات التعليم العالي ومناهجه ونظمه مع المجتمع العراقي بمؤسساته وكلياته الجامعية والبحثية والمالية؛ لتحقيق حراك هادف يسهم في تجاوز حالة التخلف العراقي وترقية هذا الدور لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني، ومن هنا تأتي هذه الورقة في مقارنة موضوعية تحلل الواقع وتقدم المعالجات وتؤكد أهمية بناء الشراكات.