back to top
المزيد

    قمة مجموعة السبع ومبادرة «الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار» المضامين والتوجهات

    مثنى فائق مرعي – أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية في كلية العلوم السياسية – جامعة تكريت
    لا شكَّ أنَّ فكرة التجمعات والمنتديات الدولية ليست بفكرة جديدة لتعزيز العلاقات وتوحيد المواقف بين الدول، بل يمكن عدّها إحدى مظاهر التنظيم الدولي التي ترسخت في إطار العلاقات الدولية منذ عقود، وأخذت عديداً من الصور سواءً على المستوى الإقليمي أم على المستوى الدولي.
    وغالباً ما تنشأ التجمعات والتنظيمات الدولية وَفْقاً لاعتبارات مشتركة عديدة، لا سيَّما تلك الاعتبارات القيمية، أو المصلحية، أو كلتاهما معاً، فنشأت المنظمات العالمية وتطورت مثل الأمم المتحدة بوكالاتها المختلفة، والمنظمات أو التجمعات القارية مثل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، والإقليمية مثل جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وغيرها.
    كما عرفت الساحة الدولية صورةً أخرى لتنظيم العلاقات، وتوحيد المواقف والسياسات الخارجية، يتمثل بتشكيل المجموعات الدولية وتأسيسها، التي يشترك أعضاؤها بمجموعة من المصالح والقيم والأهداف، مثل: مجموعة العشرين، ومجموعة البريكس، ثم تأتي مجموعة السبع (G7) التي أُسِّست في عقد السبعينيات من القرن الماضي؛ لتمثِّل تجمعاً دولياً «للدول الديمقراطية الأقوى اقتصادياً» في العالم، ولهذه المجموعة مواقف وسياسات تخص عديد من القضايا والتحديات العالمية، تعلن عنها عن طريق آلية «القمم» الدورية التي تعقدها بصورة سنوية، وكانت آخر قمة لها قد عقدتها في ولاية بافاريا الألمانية نهاية شهر حزيران/ يونيو 2022، وتضمنت مناقشة عديد من قضايا الساحة العالمية، تصدرتها الحرب الروسية على أوكرانيا، ومن ثم الإعلان عن «مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار» وقضايا أخرى.
    تساؤلات عديدة تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن توجهات مجموعة الدول السبع، وإعلان مبادرتهم للشراكة العالمية في هذا الوقت، ولعل من هذه التساؤلات:
    ما مجموعة السبع (G7) ومَن هم أعضاؤها؟
    ماذا تبنت قمة دول السبع الأخيرة في بافاريا بألمانيا من مضامين وقضايا؟
    ما مبادرة «الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار»؟
    هل تمثل هذه المبادرة جزءاً من المواجهة الدولية مع الصين؟
     كل هذه التساؤلات يمكن الإجابة عليها عن طريق دراسة الموضوع، وتتبعه مضامينه على النحو الآتي:
    أولاً – نشأة مجموعة السبع وتطورها:
    تمثل مجموعة السبع التي تعرف بمسمى «7G» منتدى دولي أو تجمع لأكبر سبع دول، من حيث أنَّها دول ديمقراطية، ومن حيث تطورها الصناعي والاقتصادي في العالم، وتضم كل من: الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وكندا، وتستضيف الاتحاد الأوروبي كضيف دائم لاجتماعاتها الدورية، ويشكِّل سكان الدول الأعضاء في المجموعة ما نسبته (10%) من سكان العالم، كما يمثل حجم الدخل القومي لها ما يقرب من (45%) من إجمالي الدخل القومي العالمي().
    وتعود بداية تشكيل المجموعة إلى عام 1973 وكانت تعرف باسم «مجموعة المكتبة»؛ لأنَّها تعقد في مكتبة البيت الأبيض، وأُسِّست من قبل وزير الخزانة الأمريكي في ذلك الوقت (جورج شولتز)، وكانت تضم وزراء المالية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا الغربية، والمملكة المتحدة الذين أجروا في ذلك العام محادثات فيما بينهم بمحاولة لمعالجة اضطراب العملة، وانضمت لهذه المحادثات اليابان، ومن ثم تحولت الاجتماعات إلى تجمعات ومؤتمرات قمة لرؤساء هذه الدول منذ عام 1975، حينما اجتمعت ست دول منها بمؤتمر قمة ضم قادتها، ثم انضمت كندا للمجموعة بعد عام لتظهر المجموعة بمسماها الحالي «مجموعة السبع» «7G». واعتمدت المجموعة آلية الاجتماعات الرئاسية الدورية، أو مؤتمرات القمة السنوية؛ لمناقشة الشؤون الدولية العامة والمصالح المشتركة، وتتولى كل دولة من دول المجموعة رئاستها لعامٍ واحد، يبدأ من مطلع العام وبالتناوب، وتستضيف الدولة التي تكون لها رئاسة المجموعة مؤتمر القمة السنوي لها والذي يمتد ليومين على الأغلب()، وقد عقدت دول المجموعة بحدود (48) قمة منذ أن أُسِّست وإلى الآن.

    لقراءة المزيد اضغط هنا