زاك كوبلين: محقق في مشروع المساءلة الحكومية، وهي منظمة لحماية المبلغين عن المخالفات.
بسمة حمادي: صحفية مستقلة متمركزة في شمال فيرجينيا.
يتفاخر محامي العقارات «دان ويذرز» في فيرجينيا/الولايات المتحدة على موقعه الإلكتروني باستطاعتِه إخفاء جميع أموالك، سواءً أكانت شركات في بلدان أخرى أم صناديق استئمانية خاصة أم …إلخ، وهو يقدِّم «إستراتيجيات قانونية مبتكرة» لعملائه فاحشي الثراء «الذين يمثِّل التستُّر -على هويتهم وحمايتهم من المسؤولية- مصدر قلق كبير».
غالباً ما تُخْفى الثروات لأسباب غير مشروعة، مثل: (التهرُّب الضريبي، وغسيل الأموال)، أو لأسبابٍ أقل تعقيداً مثل: (استغلال الثغرات القانونية؛ لخفض فاتورة الضرائب). تجذب هذه الخدمة -بصورة خاصة- الديكتاتوريين الأجانب، والسياسيين الفاسدين الذين يريدون منع مواطنيهم من اكتشاف مقدار الأموال التي سرقوها. أصبحت الأضرار الناجمة عن مجال عمل السرية المالية -منذ الغزو الروسي لأوكرانيا- محطَّ أنظارٍ لكثيرين، إلا أنَّ رؤوس المال الروسي المشمولين بالعقوبات، ومجرمي الحرب ليسوا الوحيدين الذين لديهم أموال ليخفوها عن الأنظار.
يبدو أنَّ أحد عملاء «دان ويذرز» من عائلة «نيجيرفان بارزاني» -رئيس إقليم كردستان العراق-. حكمتِ العائلة هذه المنطقة شبه المستقلة في شمال العراق لأجيال -والتي يعدُّونها ملك للعائلة-، إذ كدَّسوا ثروات هائلة من صفقات النفط، والاتصالات، والعقارات المزعومة. كشفت صحيفة (The American Prospect) -في كانون الأول/ديسمبر- كيف أنَّ ابن عم الرئيس الكردي «مسرور بارزاني» -الذي يشغل منصب رئيس وزراء المنطقة- يستغل قوانين سرية الشركات الأمريكية؛ لإخفاء استثمار عقاري يُقدَّر بعشرات الملايين من الدولارات في ميامي. (نفى السيد بارزاني هذه المزاعم). ربَّما لم يغزِ البرزاني دولة مجاورة، لكن برقيات وزارة الخارجية -التي سربتها ويكيليكس- وثَّقت كيف تعمل الدولة الكردية على الفساد الممنهج.
الرئيس الكردي -مثل ابن عمه- مرتبط بممتلكات سرية خارج البلاد. ولكن في هذه الحالة، لا يظهر اسمه على أي من وثائق الملكية بصورة مباشرة. بدلاً من ذلك، تُخفى هذه الممتلكات خلف أنظمة معقَّدة من الصناديق الاستئمانية والوسيطين، بما في ذلك الموظفين والأصدقاء والعائلة.
فكان تعيين محامي مثل «دان ويذرز» ضرورياً؛ لهذا السبب.
لا توجد تعبيرات عامية جيدة في اللغة الإنجليزية لوصف الأشخاص الذين يسهِّلون السرية المالية، أو يضعون أسماءَهم على شركة، أو عقار؛ لإخفاء مالكها الحقيقي. يمكن لمجموعة واسعة من الأشخاص -من تجار الأعمال الفنية إلى المحاسبين- أن يقدِّموا هذه الخدمات، وتُخْفَى الآليات الفعلية لما يقومون به بمساعدة من المجال القانوني. لكن مواطني دولة أخرى لها تاريخ من فضائح الفساد، كالبرازيل، صاغوا طريقة يسيرة لوصف هذه الوظيفة. يُعرف الوكلاء الماليون من هذا النوع باسم (laranjas) (لارنجز)، وهو ما يعني «البرتقال» باللغة البرتغالية. ما تشترك فيه عديد من مخططات الفساد -من البرازيل أو الولايات المتحدة إلى روسيا وكردستان العراق- هو أنَّها تعمل تحت هذا الغطاء (الوكلاء الماليون).
لم يَرُد المحامي «دان ويذرز» ولا ممثلو «نيجيرفان بارزاني» على طلبات التعليق، وليس من الواضح أنَّه انْتُهِك أي قانون، لكن يبدو أنَّ الرئيس الكردي لديه كثير من الوكلاء الماليين، منتشرين في ماكلين الواقعة في ولاية فيرجينيا ودبي، إذ حدَّدت صحيفة (The American Prospect) ما يقرب من (300) عقار -تقدَّر قيمتها مجتمعة بمئات الملايين من الدولارات- مرتبطة بأقاربه وشركائه.
بدأت هذه العمليات في منطقة «موتروم درايف»، وهو شارع سُمِّيَ على اسم جندي كونفدرالي في شمال فيرجينيا. بذل المحامي «دان ويذرز» جهداً كبيراً لإخفاء مالكي أربع عقارات متجاورة في هذا الشارع، اشْتُرِيتْ بصورة جماعية بأكثر من (20) مليون دولار.