مها ياسين/ زميلة باحثة في معهد (كلينجينديل) مبادرة الأمن الكوكبي (PSI)
تأثَّر العراق بشدَّة -في السنوات الأخيرة- بتغيُّر المناخ، مع تزايد موجات الحر التي تتخطَّى (50) درجة مئوية. كان لتغيُّر المناخ آثار مدمرة على المياه والأمن الغذائي، ممَّا يهدِّد سبل عيش العراقيِّين. واكتسبت هذه القضية أهمية أكبر في الدوائر الحكومية نتيجة لذلك، مع أنَّ البلاد تواجه عدداً من المشاكل المتوطنة الأخرى. سيعكس هذا المقال مدى فعالية سياسات تغيُّر المناخ الناشئة في الاستجابة لقضايا الأمن الغذائي والمائي في العراق. وسيناقش كيف يمكن للتعاون مع المجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى العاملة على أرض الواقع أن يعزِّزَ خطط الحكومة للاستجابة للآثار التي تكشف التغيُّر المناخي، ويمكن أن يحوِّلَ التعاون المناخي إلى مكوِّنٍ أساسيٍّ في جهود إعادة الإعمار، وبناء السلام بعد الحرب.
ماذا يعني ارتفاع درجات الحرارة للأمن المائي والغذائي في العراق؟
كانت درجات الحرارة في ارتفاع مطَّرد في جميع أنحاء العراق منذ الخمسينيات. ترتفع درجة حرارة البلاد بمقدار (0.7) درجة مئوية عمَّا كانت عليه قبل (100) عام. واعتماداً على كيفية استجابة العالم لتغيُّر المناخ، يمكن أن يرتفع متوسط درجات الحرارة بمقدار (2-3) درجات مئوية في العراق على مدار المئة عام القادمة. كما زاد تواتر درجات الحرارة القصوى في العراق، على سبيل المثال، شهدت المحافظات الوسطى والجنوبية موجات حرٍّ تزيد عن (50) درجة مئوية في العقد الماضي. تتأثَّر الموارد المائية بشدة جرَّاء هذه التغيُّرات في درجات الحرارة، وكذلك بالأمن الغذائي، وسبل عيش الناس.
البنك الدولي-بوابة معرفة تغيُّر المناخ
فرضت وزارتا الزراعة والموارد المائية العراقيِّتان في عام 2021 بعضَ اللوائح لتقليص الأراضي المتاحة التي يمكن للمزارعين استخدامها لزراعة القمح والشعير بنسبة (50%)؛ بسبب النقص الحاد في المياه. قد توقفت زراعة الأرز والمحاصيل الحيوية الأخرى في عام 2018. تقدِّم الحكومة تعويضات مالية -والتي لم تكن كافية لمنع المزارعين أصحاب الأراضي الصغيرة من المطالبة بتدخُّل مستدام- للتخفيف من التأثير على سبل عيش المزارعين. في حين أنَّ هذه السياسة قد توفِّر حلاً مؤقتاً لقضاء الصيف من دون أزمة مياه كبيرة، إلَّا أنَّ سياسة المياه الملموسة طويلة الأجل ما تزال غير متوفرة؛ هذا أيضاً غائب عن المساهمات المحدَّدة وطنياً (NDC) الأخيرة في العراق، وهي وثيقة تعمل كسياسة شاملة لتغيُّر المناخ في البلاد. يظل الأمن الغذائي غير مستقر للغاية طالما استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، فضاً عن انخفاض هطول الأمطار كل عام.