أثَّرت التطورات التكنولوجية في حياتنا على مر السنين، بعض الأشياء التي عُدَّت خيالاً علمياً في الماضي مثل: (الروبوتات، وأجهزة الحاسوب العملاقة) قد أصبحت حقيقة اليوم، ولقد غيَّرت إحدى هذه التقنيات ـوهي الذكاء الاصطناعي ـ حياتنا تغييراً هائلاً.
تُعدُّ (AI & ML) في الواقع هي الكلمات الأبرز في الوقت الحاضر، وأصبحت تدريجياً القاعدة الأساس في كثيرٍ من القطاعات، مثل: الرعاية الصحية، والدفاع، والأمن، والخدمات اللوجستية، والبيع بالتجزئة، والسيارات.. إلخ.
ومع ذلك، فإنَّ فوائد هذه التقنيات ليست مقصورة على القطاع الخاص فقط، إذ تحاول الحكومات جاهدة دمج هذه التكنولوجيا في عملها من أجل تقديم الخدمات بكفاءة. إذ يعتمد هذا التحوُّل على إنشاء الأدوات وإعدادها، فضلاً عن بيئة التشغيل المناسبة.
تدرس شركة (Oxford Insights) في المؤشر مدى استعداد حكومة معينة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات العامة لمواطنيها، إذ يفحص المؤشر الذي نُشِرَ في عام 2021 – الركائز الثلاث لمنهجية المؤشر: (الحكومة، وقطاع التكنولوجيا، والبيانات)، وتتكوَّن البنية التحتية من (42) مؤشراً عبر عشرة أبعاد، لذا قُسِّمَ العالم على تسعة مناطق، وفي كل منطقة، سُلِّطَ الضوء على دولة واحدة تميَّزت في تطوير الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.
تشمل أبعاد الحكومة ما يلي:
الرؤية (مؤشرات عِدَّة منها: إستراتيجية الذكاء الاصطناعي الوطنية).
الحوكمة والأخلاق (المؤشرات: حماية البيانات، وتشريعات الخصوصية، والأمن السيبراني، وإطار الأخلاقيات الوطني، وقابلية الإطار القانوني للتكيُّف مع نماذج الأعمال الرقمية).
القدرة الرقمية (المؤشرات: الترويج الحكومي للاستثمار في التقنيات الناشئة، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكفاءة الحكومة، والخدمات عبر الإنترنت، والثقة في المواقع، والتطبيقات الحكومية).
القدرة على التكيُّف (المؤشرات: فعالية الحكومة، واستجابة الحكومة للتغيير، وقدرة الشراء الإلكتروني).
ويبدو أنَّ بعض هذه المعايير «الأخلاقية» يمكن أن تكون محل جدل ثقافي، فالأخلاق نسبية. نعم، حماية الخصوصية شرط مهم في الفضاء السيبراني، ولكن بعض هذه الخصوصيات يمكن أن تشكِّل خطراً على الأمن الوطني للدول، كما يشكِّل «إطار الأخلاقيات الوطني» نفسه موضع جدل كبير بين المعاير الغربية، والمعيار الشرقية للأخلاق؛ ممَّا ينعكس بدوره على الإطار القانوني الذي يُعدُّ انعكاساً للنظام الأخلاقي آخر الأمر، ووضع مثل هذا المعيار الأخلاقي النسبي قد يكون إشكالاً يُؤخذ على المؤشر.
وتشمل أبعاد قطاع التكنولوجيا ما يلي:
الحجم (المؤشرات: عدد «حيدات» الذكاء الاصطناعي (CB Insights)، وعدد الشركات غير العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، والقيمة السوقية لشركات التكنولوجيا العامة، وقيمة التجارة في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للفرد، وقيمة التجارة في سلع تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات لكل فرد، والإنفاق على برامج الحاسوب).
القدرة على الابتكار (المؤشرات: ثقافة ريادة الأعمال، والمتطلبات الإدارية للأعمال، والإنفاق على البحث والتطوير، واستثمار الشركة في التقنيات الناشئة).
رأس المال البشري (الخريجون في العلوم والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، وجودة التعليم العالي للهندسة والتكنولوجيا، والمهارات الرقمية، وعمالة واسعة المعرفة).
وتشمل أبعاد البيانات والبنية التحتية:
البنية التحتية (المؤشرات: البنية التحتية للاتصالات، والبنية التحتية للجيل الخامس، وعدد الحواسيب العملاقة، وعرض النطاق الترددي للإنترنت، واعتماد التقنيات الناشئة).
توافر البيانات (المؤشرات: البيانات الحكومية المفتوحة، وسياسات البيانات المفتوحة، والقدرة الإحصائية، واشتراكات الهاتف الخلوي المتنقل، والأسر التي لديها إمكانية الوصول إلى الإنترنت في المنزل).
تمثيل البيانات (المؤشرات: الفجوة بين الجنسين في الوصول إلى الإنترنت، والفجوة بين الجنسين في الوصول إلى الهاتف المحمول، وتكلفة الأجهزة التي تدعم الإنترنت بالنسبة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والفجوة الاجتماعية والاقتصادية في استخدام الإنترنت)().
يحتاج المؤشر -إجمالاً- إلى مجموعة كبيرة من البيانات، قد لا تكون متاحة في بعض الدول، التي قد تمتلك فعلياً المؤشرات التي يستند عليها مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي، لكنَّها لا تمتلك قاعدة بيانات متاحة تمكِّن من إدخال البلد ضمن المؤشر.