شيفان فاضل/ باحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام- SIPRI
إذا أرادت الأقليات العرقية والدينية في العراق أن تمتَّع بالحقوق السياسية المتساوية والمشاركة في صنع القرار، فإنَّ عليها في البداية معالجة شعورهم بالتهميش السياسي. يدعم الإدماج عن طريق المشاركة السياسية الفعالة والهادفة -وليس الرمزية فقط- شعورهم بالانتماء، وهو ضروري للحفاظ على فسيفساء البلد الغنية من التنوُّع والحفاظ على السلام على المدى الطويل.
أعادت نتيجة الانتخابات البرلمانية العراقية في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 إثارة الجدل حول توزيع مقاعد «الكوتا» المخصَّصة للأقليات في البلاد. مع العمل الإيجابي المتبع بنظام «الكوتا»، إلا أنَّه يُعتقد بمساهمة القضايا المتعلقة بقانون الانتخابات، وتدخُّل الأحزاب الرئيسة المؤثِّرة بعرقلة استقلال تمثيل الأقليات وفعاليتها. عُدَّتِ الانتخابات إلى حدٍّ كبير بأنَّها «جيدة وتنافسية»، هذا مع قلة الإقبال، والمخاوف المتعلقة بتكافؤ الفرص، وبعض جوانب الإطار القانوني. أُجْرِيتِ الانتخابات (الخامسة منذ عام 2003) بموجب قانون انتخابي جديد -وهو مطلب رئيس لاحتجاجات 2019- الذي قسَّم الدوائر الانتخابية الثمانية عشر السابقة على (83) في محاولة لتحسين تمثيل الناخبين. فضلاً عن «الكوتا» النسائية، وهي ربع إجمالي المقاعد، هناك تسعة مقاعد مخصَّصة للأقليات (5 للمسيحيين وواحد لكل من الإيزيديين، والشبك، والصابئة المندائيين، والأكراد الفيليين).
فازت «حركة بابليون» -الجناح السياسي لكتائب بابليون- وهي فصيل مسيحي مسلَّح، تشكَّل في عام 2014 كجزءٍ من قوات الحشد الشعبي، بأربعة من المقاعد الخمسة المخصَّصة للمسيحيين. ودفعت النتيجة أحزاب وشخصيات مسيحية أخرى إلى إبداء تحفظاتها على شرعية التصويت، وتمثيل بابليون لمسيحيي العراق لدور كتلة خارج المكوِّن في انتصارها.
كوتا الأقليات والفجوات في المشاركة السياسية
أمَّا للأقليات في العراق فتخصيص مقاعد «الكوتا» التشريعية يعني الاعتراف بمجتمعاتهم عن طريق التمثيل الذي يتناسب مع حجم سكانهم، فإنَّهم لديهم اعتراضات قوية حول كيفية التنافس على هذه المقاعد. يمكن للناخبين من جميع الخلفيات العرقية والطائفية التصويت لمقاعد الكوتا بموجب قانون الانتخابات الحالي، كما كان الحال في القوانين السابقة، هذا مع النداءات المتكررة للأقليات للحد من حق انتخاب مقاعد «الكوتا» للناخبين من مجتمعاتهم فقط. وهكذا أصبحت الأقليات ناظرة إلى نظام «الكوتا» الحالي بوصفه صورةً من صور التلاعب السياسي الذي يمكِّن الكتل القوية من غير الأقليات من انتزاع مقاعد «الكوتا» التي قُدِّمت ظاهرياً لمنحها تمثيلاً سياسياً. أمَّا لـ»يونادم كنا» السياسي الآشوري المخضرم، والذي كان العضو المسيحي الوحيد في المجلس الوطني الانتقالي، الذي اُسِّسَ في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، فإنَّ «الآلية الحالية تعادل مصادرة إرادة المسيحيين عن طريق التصويت الجماعي من قبل الأحزاب الأخرى».
والأسوأ من ذلك هو إدراج الأحزاب السائدة لمرشحين من خلفيات الأقليات في قوائمها الانتخابية، لتأمين تصويت الأقلية، أو ترشيح أعضائها كمرشحين في تحالفات الأقليات في محاولة لتأمين مقاعد «الكوتا». يُنظر إلى هؤلاء المرشحين على أنَّهم يمثِّلون المصالح السياسية لأحزابهم، وليس تطلعات مجتمعاتهم ومطالبهم. على سبيل المثال، لأول مرة عضوان من «اليارسانية» والمعروفون أيضاً باسم «الكاكائية» أو «يارسان» -وهي أقلية دينية تُعدُّ كردية في العرق. رُشِّحا من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني لنينوى وكركوك، وانْتُخِبا لعضوية مجلس النواب العراقي. في حين يمكن تفسير هذا على أنَّه تطوُّر إيجابي لمجتمع الأقلية التي أُقْصِيت لحقب طويلة، إلا أنَّ الرفض كان رد الفعل داخل المجتمع «الكاكائي»، كما شدَّد «رجب كاكائي» -ناشط كاكائي بارز- بحزن «أنَّهم كاكائيُّون يمثلون أحزابهم».