آرثر هيرمان/ زميل أول في معهد هدسون ومدير مبادرة التحالف الكمومي. وهو المؤلف الذي وصل إلى نهائيات جائزة بوليتزر مؤخراً عن كتابه «قلب الفايكنج: كيف غزا الإسكندنافيون العالم» (2021).
تلقَّت إدارة «بايدن» عديداً من الضربات بسبب سياساتها، من الانسحاب الفوضوي للقوات الأمريكية من أفغانستان إلى أعلى معدَّل تضخُّم منذ (40) عاماً إلى الأزمة الإنسانية على الحدود الجنوبية لأمريكا. ولكن في الشهر الماضي، حقَّقت نجاحاً كبيراً في ترتيب مكانة الحكومة في مجال الأمن السيبراني، وتمهيد الطريق لمستقبل سيبراني آمن.
أصدر البيت الأبيض مذكرة الأمن القومي التي تركز -لأول مرة- على مخاوف الأمن القومي الأمريكي من التهديد المستقبلي لأجهزة (الكمبيوتر الكمومية) واسعة النطاق إلى البيانات المشفَّرة، ما يعني كل شيء من السجلات الحكومية والبيانات السرية إلى بطاقات الائتمان والمعاملات المصرفية.
بدلاً من استخدام البتات الرقمية لمعالجة البيانات كسلسلة من الآحاد والأصفار، كما تفعل أجهزة الكمبيوتر التقليدية، تستخدم أجهزة الكمبيوتر الكمومية «الكيوبت»، والتي يمكن أن تمثِّل أي مجموعة من (0، و1) في وقت واحد. يسمح هذا لقوة الحوسبة بالنمو بصورة كبيرة مع زيادة عدد البتات الكمومية، -على سبيل المثال- يمكن لجهاز كمبيوتر كمي بسعة (2000 إلى 4000) كيلوبت، فك تشفير جميع أبنية تشفير المفتاح العام تقريباً، تلك المستخدمة في كل شيء، بدءاً من البنوك وبطاقات الائتمان إلى شبكة الطاقة. إذ تعتمد هذه البنى على أرقام أكبر من أن تحللها أجهزة الكمبيوتر التقليدية، لكن الكمبيوتر الكمي يمكنه فعل ذلك وسيحققه.
يختلف الخبراء حول الوقت الذي سنرى فيه أجهزة كمبيوتر كمومية بهذا الحجم والقدرة. أفاد تقرير حديث لمؤسسة (RAND) أنَّ الأمر قد يستغرق (15) عاماً؛ ومع ذلك، صرَّح الرئيس التنفيذي لشركة (Google) علناً أنَّه يعتقد أنَّ ذلك يمكن أن يحدِّث في أقرب وقت بعد خمس أو عشر سنوات من الآن، هنالك شيء واحد واضح: الدولة الوحيدة التي لديها الموارد للقيام بذلك إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية هي الصين، وهو النظام نفسه الذي شنَّ حرباً سيبرانياً على أمريكا والدول الديمقراطية على مدى عقدين من الزمن.
مع وضع هذا التهديد في الاعتبار، أصدر البيت الأبيض وثيقةً تاريخيةً هي مذكرة الأمن القومي (NSM-8)، التي تدفع بالأمن السيبراني للحكومة إلى حقبة ما بعد الكم: الخطوة الرسمية الأولى لجعل جهاز الأمن القومي الأمريكي جاهزاً آمناً في مجال الكم.
أعطت المذكرة وكالة الأمن القومي (30) يوماً لبدء تحديث مجموعة خوارزمية الأمن القومي التجاري (CNSA)()، وهي عملية ستشمل زيادة تشفير مقاوم للكم، و(CNSA) هي مجموعة من الخوارزميات الآمنة المعتمدة للاستخدام من قبل جميع مستخدمي البيانات المشفرة، بما في ذلك القطاع الخاص.
من المفترض أن تحدِّد الوكالات التي تتعامل مع أنظمة الأمن القومي جميع «حالات التشفير التي لا تتوافق مع خوارزميات مقاومة الكم المعتمدة من وكالة الأمن القومي» أو (CNSA) المحدث -في غضون (180) يوماً-، وأن تضع «جدولاً زمنياً لنقل هذه الأنظمة إلى استخدام التشفير المتوافق، لتضمين التشفير المقاوم للكم».