لا شكَّ أنَّ الثورة الصناعية الرابعة المتمثِّلة بالذكاء الاصطناعي أحدثت فارقاً مهماً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ إنَّ التطوُّرات التكنولوجية كان لها الدور الكبير في تسريع عملية النمو الاقتصادي في العالم، إذ أدرك العالم ولا سيَّما الدول المتقدمة صناعياً أهمية الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية الإنتاج وتقليل مستوى التكاليف فضلاً عن التطوُّرات الأخرى الحاصلة في الجوانب الإدارية والمؤسساتية والمعلوماتية وغيرها، ومن هذه الأمور هي التي تندرج بها أنظمة الذكاء الاصطناعي وتسهم في تنشيط القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.
حالتِ الأزمات المتتالية التي تعرَّض لها العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي مروراً بالعقوبات الاقتصادية في أوائل التسعينيات وصولاً إلى انهيار أسعار النفط في سنوات متفاوتة بعد عام 2003، فضلاً عن الفساد الإداري والمالي في أغلب الدوائر والمؤسسات الحكومية دون مسايرة التطورات التكنولوجية والمعرفة التقنية في العالم، ومع الميزانيات الانفجارية والأموال الكبيرة التي تحصَّل عليها العراق لا سيَّما بعد عام 2003 وارتفاع أسعار النفط الخام، إلَّا أنَّه لم يُعطِ أهميةً لتطوير عمل الموانئ العراقية بمختلف مواقعها واتجاهاتها، لا سيَّما ميناء الفاو الكبير، إذ إنَّ عملية اكتمال الميناء ستكون لها أهمية إستراتيجية متكاملة في العراق وعلى الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبما يتناسب وحجم التبادل التجاري الإقليمي والعالمي، الأمر الذي سيرفد الموازنة العامة بإيرادات مهمة تعزِّز من حجم الإيرادات خارج قطاع الطاقة من جهة، وتسهم بعملية تنويع الاقتصاد العراقي من حيث ازدهار عملية التجارة الخارجية من جهة أخرى.
المحور الأول: الذكاء الاصطناعي مدخل لمحاكاة القدرة التنافسية
أولاً: مفهوم الذكاء الاصطناعي:
1- التعريف والأهمية.
هو أحد فروع علم الحاسوب وإحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها صناعة التكنولوجيا في العصر الحالي ويُمكن تعريف مصطلح الذكاء الاصطناعي الذي يُشار إليه بالاختصار(Intelligence Artificial) بأنَّه قدرة الآلات والحواسيب الرقميَّة على القيام بمهام مُعيَّنة تُحاكي وتشبه تلك التي تقوم بها الكائنات الذكيَّة، كالقدرة على التفكير أو التعلُّم من التجارب السابقة أو غيرها من العمليات الأُخرى التي تتطلَّب عمليات ذهنية، كما يهدف الذكاء الاصطناعي إلى الوصول إلى أنظمة تتمتَّع بالذكاء وتتصرَّف على النحو الذي يتصرَّف به البشر من حيث التعلُّم والفهم، إذ تُقدِّم تلك الأنظمة لمُستخدميها خدمات مُختلفة من التعليم والإرشاد والتفاعل وما إلى ذلك( Philipp & Benjamin,2017,2) ، فهو محاكاة لذكاء الإنسان وفهم طبيعته عن طريق عمل برامج للحاسوب الآلي يكون قادراً على محاكاة السلوك الإنساني المتسم بالذكاء، ويوجد الذكاء الاصطناعي في كلِّ مكانٍ حولنا، بدايةً من السيارات ذاتية القيادة والطائرات المسيرة من دون طيَّار، وصولاً إلى برمجيات الترجمة والاستثمار وريادة الأعمال وغيرها من التطبيقات المنتشرة في العالم (Ajay & Oettl,2017,8).