قال المبعوث الدولي إلى سوريا «غير بيدرسون» إنَّ عند الأطراف الأساسية في الحرب السورية «شعوراً بضرورة اختبار شيء جديد»، وأنَّهم «مستعدون للانخراط» في مبادرة «خطوة بخطوة» للحل/التسوية في سوريا؛ رافعاً سقف التوقعات إزائها، وفاتحاً الباب أمام سيل من التأويلات والتقديرات، التي ذهب بعضها للحديث عن أنَّ المبادرة هي محاولة لـ»تغيير النمط»، من دون تغيير كبير في الرهانات والأهداف العميقة، ومن دون استعداد للقيام بمقتضى المبادرة نفسها، ومن ثَمَّ فقد تكون –من هذا المنظور- «استمراراً للحرب، إنَّما بوسائل أخرى».
لكن الأمور تتجاوز مجرَّد الرغبة في تجريب طرح جديد حول الحرب، إلى مستوى الحاجة والضرورة، ذلك أنَّ ثقل الأوضاع والتداعيات يفوق قدرة السوريين على تحملها، ويخلق أزمات سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية بالغة الخطورة على سوريا وتهدد أمن الإقليم والعالم. وهذا ما يجعل السوريين والمعنيين بالحدث السوري في حالة ترقب لأي مبادرات أو تطورات، يؤمل منها أن تدفع بالأمور نحو الحل/التسوية.
لكن، هل إنَّ مبادرة «خطوة بخطوة» هي مبادرة أم هل هي طرح جديد؟ وما صلتها بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254)؟ وأي إكراهات أو عقبات قائمة أو محتملة أمامها؟ وكيف تقرأها دمشق؟ وما المواقف والاتجاهات حولها؟ وما المسارات المحتملة؟
المشكلة عند أطراف الحرب صياغة المبادرة بطريقة يصعب رفضها، كما يصعب قبولها، إذ إنَّ إكراهات الحدث، وثقل تداعياته، ومخاطره، وضعت مختلف الأطراف، وخاصة دمشق، في موقف صعب، فهي بحاجة لـ»نجاح» المبادرة، بقدر حاجتها لـ»إخفاقها»، كيف؟! هذا ما تحاول الورقة قراءته.
تتألَّف الورقة من مقدمة وثمانية محاور: أولاً- مقدمات وتراكمات، ثانياً- الفكرة والأطر المرجعية، ثالثاً- في المحددات، رابعاً- المواقف والاتجاهات، خامساً- الإكراهات، سادساً- موقف دمشق، سابعاً- المسارات المحتملة، ثامناً- الإشارات والتنبيهات، وخاتمة.