روح الله إسلامي / أستاذ العلوم السياسية في جامعة فردوسي مشهد
ترجمة: مصعب التميمي
قد لا تثمر السياسيات فتصبح مجرَّدَ خطابٍ معالج، أي: يتصوَّر الساسة بعدما حصلوا على مناصبهم عن طريق أصوات الشعب فعليهم أن يقوموا بقلب كل الأمور رأساً على عقب، ويتخذوا سياسة جديدة، ويتابعون خططهم.
وتُلقى المحاضرات وتُوضع الخطط الأولية وتُصدر مختلف الوثائق إلا أنَّها لا تُؤْخَذ على محمل الجد من قبل المجتمعات، وتفتقد لأيِّ تأثير يُذْكَر. والسبب في أنَّ السياسات والخطط وحتى الاستراتيجيات وشتى الوثائق لا تترجم على أرض الواقع وتفتقد لتأثير يعود إلى الأسباب الآتية:
أهمية التاريخ في صنع السياسات.
لا يهتم معظم الذين يتولون المناصب والمكانات السياسية بقضية الإدارة العلمية وخلفية المؤسسات، وذلك بسبب تسرعهم وعدم نضجهم السياسي، فهم يعتقدون أنَّ هذه المناصب والمؤسسات قد أُسِّست لأول مرة وأنَّهم هبطوا من السماء لصنع معجزة وتقديم حلول للمشاكل، إلا أنَّ الحل الأفضل في هذا المجال هو التحلي بالصبر والاستماع والقراءة، ومراجعة أرشيف المؤسسة وتاريخها وأسسها.
عُرِضت آليات المشاكل القديمة ونُفِّذت أيضاً، لذا في هذا المجال يعدُّ إهمال التاريخ السبب الرئيس في رسم المشاكل الزائفة وتحديد الأولويات اعتباطياً، وما الأكثر ضرراً؟ هو تكرار التجارب الفاشلة.
فالتاريخ الشفوي والوثائق والمستندات ومجموعات العمل للوزراء والمديرين الدوريين والبحوث التقييمية وتقديم إيجاد حلول تكون من أجل تفادي انتهاج الطرائق نفسها وتكرار الفشل. والإجراءات المفاجئة ومواكبة السياسات مع مستجدات الأوضاع ومن ثم الإظهار بتسويتها دليل على عدم معرفة المشاكل من جهة والحلول التي قد عُرِضت من جهةٍ أخرى.
ضرورة الأرشفة وإنشاء تاريخ شفوي وفسح المجال للجامعات ومراكز البحوث لتحليل البيانات السياسية من شأنها أن تؤدي إلى بلورة علم مستدام، وبطبيعة الحال فإنَّ هذه العملية مختلفة عن التقارير الاستعراضية حول نشاطات مبالغ فيها في كثير من الأحيان بل إنَّ القيام بها يجب أن يكون من قبل أشخاص مسؤولين عن التقییم وباحثين جامعيين مختلفين عن المصممين والمنفذين، لذا فإنَّ تاريخية المؤسسات بالمشاكل التي حصلت لها وبالحلول التي اتخذت لمعالجتها أمر لا يجب نسيانه، وإنَّما يجب الاستفادة منه، زِدْ على ذلك أنَّ استمرار عمل المؤسسة ومعالجة أخطاء مَن أشرفوا عليها بخطط تمنح المؤسسة استمرارية هو أفضل من إلغاء المؤسسة وصنع سياسات جديدة للمؤسسة التي ستتطلب وقتاً طويلاً لتحقيق أهدافٍ بعيدة المدى.