أحمد خليل أرتيمتي / باحث في الشأن الروسي
عماد الشيخ داود / باحث في مجال السياسات العامة
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الكازاخستانية مع إقبال العالم لدخول عام 2022 حتى أصبحت محط أنظار كل القنوات ووسائل التواصل الاجتماعية والشغل الشاغل للباحثين والمحللين السياسيين، لما لها من تداعيات على مستقبل الصراعات الإقليمية والدولية في محيط آسيا الوسطى، وكازاخستان هي إحدى أواخر الجمهوريات التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي، وتقع بين روسيا والصين، وهي أكبر دولة غير ساحلية في العالم، وأكبر من أوروبا الغربية بأكملها، ويبلغ عدد سكانها حوالي 19 مليون نسمة، وهي تمثِّل أهمية كبرى للدول الساعية لتمديد نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة، منها روسيا التي تعدُّها أحد أهم المناطق الحساسة في تاريخ الدولة الروسية منذ أواسط القرن الثامن عشر وحتى ثورة «أكتوبر» عام 1917 إذ تستحوذ على مميزات وموارد جغرافية وجيوسياسية تمتدُّ لثبات الأنظمة السياسية في روسيا، ففي الوقت الذي تمثِّل الصادرات الكازاخستانية نسبة 60% من الصادرات في دول آسيا الوسطى، فضلاً عن امتلاكِها ثروات طبيعية كالنفط والغاز والمعادن تضاهي بها دول الخليج، ناهيك عن ذلك فإنَّها كانت أرضاً مناسبةً لحقول تجارب السلاح النووي إبَّان حقبة «السوفييت»، ويسكناها كازاخية أغلبهم، فضلاً عن عديدٍ من القوميات والأديان الأخرى، وبعد إعلانها جمهورية مستقلة عقب تفكُّك الاتحاد السوفيتي تبنَّت نظاماً رأسمالياً ومجلسين من (النواب والشيوخ)، فضلاً عن حكومة تدير أمور البلاد، وترأسها «نور سلطان نزارباييف»منذ عام 1989، وحتى 2019، ويرى المختصين في الشأن الكازاخستاني أنَّ النظام قد شرَّع عديداً من القوانين التي منعت أي توجه يخالف الرؤية الحكومية وردعته، ويُقمعُ أي كيان أو تيار يسعى للخروج عن السياقات المنفردة، وبهذا فهي عُدَّتْ من الأنظمة القامعة للحريات والممارسات السياسية المختلفة، وقد برزت الأزمة الكازاخستانية بعد عام 2019.