آني بارتولي/ أستاذ جامعي في الإدارة، شاركت في عديد من الأنشطة الأكاديمية على المستوى الدولي، شغلت سابقاً منصب نائب الرئيس التنفيذي المسؤول عن مجلس الإدارة في جامعة فرساي.
سيسيل بلاتريكس/ أستاذ العلوم السياسية في جامعة AgroParisTech الفرنسية.
ترجمة وتحرير: علي عدنان محمد
تلعب الإدارة العامة للدولة دوراً بارزاً في تمسُّك المواطنين بالديمقراطية وقيمها، وتبعاً لذلك عملت البلدان على اعتماد تصنيفات ومبادرات مختلفة لقياس فعالية إدارة شؤون الحكومة، يعتمد البنك الدولي على سبيل المثال أنواع عديدة من مؤشِّرات والحوكمة ومعاييرها مثل مؤشِّر «المساءَلة والتعبير»، في حين يركِّز الاتحاد الأوروبي على اعتماد إجراءات من نوعٍ آخر مثل الحكومة الإلكترونية.
فضلاً عن انتشار مثل هذه المؤشِّرات الدولية أو الإقليمية، هنالك كثير من السياسات الإصلاحية التي جرت وَفق معايير محلية اعْتُمِدَتْ تبعاً للعُرف المؤسسي والثقافة الإدارية المحلية وخصوصية بعض الركائز الإدارية. تكمن أهمية هذه الإصلاحات المختلفة في تأثيرها على إعادة النظر بمفهوم الشرعية الديمقراطية من حيث الأسس والخطوط العريضة، بمعنًى آخر أصبح العمل البيروقراطي (المصب) يحتلُّ مساحةً كبيرةً في فضاء الشرعية السياسية من مساحة اختيار القيادة السياسية (المنبع).
ومن ثَمَّ حازت مشاركة المواطن في الأنشطة العامة على أهمية متزايدة ضمن المشاركة الديمقراطية، مقارنة بأنماط المشاركة الديمقراطية التقليدية (مثل: الإدلاء بالأصوات في الانتخابات، والعضوية في الأحزاب السياسية … إلخ)، جاءت في هذا الإطار مبادرة شراكة الحكومة المنفتحة (Open Government Partnership) بوصفها منصة من الإجراءات العامة الدولية المتعلقة بالمساءلة والاستجابة للمواطنين. إذ أُطْلِقَت شراكة الحكومة المنفتحة في عام 2011 بهدف توفير منصة دولية للإصلاح الوطني للقادة العازمين على جعل حكوماتهم أكثر انفتاحاً وخضوعاً للمساءلة واستجابة المواطن. تنامى عدد الدول الأعضاء في هذه المبادرة، المستوحاة من الرئيس الأمريكيّ «أوباما» في عام 2009، من 8 دول إلى 70 دولة مشاركة. من المفترض أن تتكاتف جهود الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في تلك الدول من أجل التنمية الإصلاحات الحكومية الطموحةوتنفيذها فيما يتعلَّق بالانفتاح. تتضمَّن الخطط التزامات محدَّدة وقابلة للقياس منظمة في خمسة مجالات موضوعية هي: تطوير الخدمات العامة؛ والنهوض بمستوى النزاهة العامة؛ وتنمية الفاعلية في إدارة الموارد العامة؛ وإنشاء مجتمعات أكثر أماناً؛ وزيادة مساءَلة الشركات.
بالنظر لهدفها وموضوعات التزاماتها، يمكن عدُّ تجربة شراكة الحكومة المنفتحة بمثابة المساهمة في منهج جديد للمسؤولية الحكومية، فـ»ضمان قدرة الحكومة على تلبية توقعات المواطنين» يجعلنا نعيد النظر بمفهوم (المسؤولية الحكومية) بمعنى أكثر شمولية وأعم من الأدبيات الكلاسيكية. فالشفافية والأشكال الجديدة من المسؤوليات الاجتماعية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من أدوار الحكومات.
يتمثَّل سؤال البحث الرئيس في تحديد ما إذا كانت مبادرة شركة الحكومة المنفتحة مؤثرة من حيث الشفافية والمساءلة في الإدارة العامة في البلدان المشاركة فيها. هذا يعني أولاً توضيح أصولها ومعناها و طرائق تعريفها وتنفيذها. وللقيام بذلك اخترنا التركيز في التحليل على ثلاث دول: الولايات المتحدة والتي كانت ركيزة من ركائز المبادرة؛ والبرازيل وهي إحدى الأعضاء المؤسسين؛ وفرنسا التي انضمت إلى المبادرة عام 2014. إذ يمكن للطبيعة المتباينة للتشكيلات الوطنية في هذه البلدان أن تساعد في تحليل تنوع الإجراءات التنفيذية لهذه المبادرة، في سياق «أنظمة مسؤولية» تبدو غير متجانسة وواسعة.