عمر سمير
كان الربط السككي بين تركيا والعراق أحد المشروعات الطموحة منذ عهد السلطان عبدالحميد الثاني الذي كانت مدَّة حكمه آخر محاولة إصلاحية للدولة العثمانية، ومنها قيامه بتدشين خط سكك حديد بغداد بالتعاون المالي مع ألمانيا، والذي استمرَّ تنفيذه بصورةٍ بطيئة؛ بسبب صعوبات فنيَّة، ومالية، وجغرافية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى في 1918، إذ جرى تسريع وتيرة العمل للوصول إلى ميناء البصرة على الخليج العربيّ، ومع انتهاء الخلافة العثمانية في العشرينات ظلَّ الارتباط بالدول العربية عملية ثانوية للجمهوريين الكماليين الأتراك، وعلى الرغم من استمرار الخطوط الحديدية في العمل بين تركيا والعراق وسوريا وصولاً للحرب العراقية الإيرانية و توقُّفها لتسعة عشر عاماً حتى 2001 بسبب حرب الخليج الثانية الذي اتخذت فيه تركيا موقفاً أقرب للغرب، ويتسق مع عضويتها في حلف الناتو، إلا أنَّ هذا الربط كان محدوداً، وبجداول زمنية متباعدة بمعدل رحلة أسبوعية كما كان الحال عند الاتفاق على استعادة هذا الجدول التشغيلي في العام 2001 ، ومنذ صعود حزب العدالة والتنمية للسلطة في 2002 تحاول تركيا التي ضاعفت قوتها الاقتصادية أن تضطلع بدورٍ أكبرٍ في نظام دولي يُتَوقَّعُ أن تقوده الصين يوماً، إذ يقوم جوهره على التجارة والمصالح الاقتصادية، بوصفها قادرةً على خلق تحالفات مستدامة، وأقدر على تجاوز الخلافات السياسية وأقدر على تخليق دخول أفضل، ومن ثم عالم أكثر سلاماً وأقل حروباً، ولكن ليست الأمور تسير بتلك السهولة النظرية على الرغم من بعض المنطق فيها، وفي هذا الإطار يأتي مشروع الربط السككي بين العراق وتركيا ضمن الخطط التركية؛ لتكون مصنع العالم، وممر تجارته، وطريق الحرير الصيني الذي يجري إحياؤه.