دفعت التجارب المؤلمة من حروب ونزاعات خلال العقد الماضي الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط إلى الحد من التوترات وتحييد الأزمات قدر الإمكان، وإيجاد صيغة للحوار، فبعد عقد من الربيع العربيّ، تراجعت حمى الانتفاضات تدريجياً، وتحوَّل الوضع في المنطقة بعيداً عن الاستقطاب والمواجهة، ومن ثم قامت معظم الدول بمراجعة نهجها وإصلاح سياساتها في مختلف مجالات السياسة الخارجية، والتي فشلت ولم تكن قادرة على خدمة المصلحة الوطنية بصورة فعَّالة.
وكانتِ الإمارات العربية المتحدة رائدة التغيير في السياسة الخارجية في المنطقة خلال العام الماضي، إذ تُعيدُ أبوظبي بناء علاقاتها تدريجياً مع قطر وسوريا وتركيا وإیران بعد ما يقرب من عقدٍ من الصراع على القضايا الإقليمية، بما في ذلك المواجهات والتوترات الخطيرة، ,يمكن رؤية هذا التغيير في النهج في الزيارات الأخيرة لوزير خارجية الإمارات “عبدالله بن زايد” إلى سوريا وزيارة “محمد بن زايد” ولي عهد أبوظبي إلى تركيا بعد عشر سنوات.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، سعى الرئيس التركيّ “رجب طيِّب أردوغان” أيضاً إلى تحسين العلاقات ليس مع الإمارات العربية المتحدة فحسب، ولكن أيضاً مع المملكة العربية السعودية ومصر وعقب أيام من زيارة ولي عهد أبوظبي إلى العاصمة أنقرة، أعلن الرئيس التركيّ “رجب طيِّب أردوغان” أنَّه سيزور الإمارات في فبراير/شباط المقبل، كما أشاد بمسار تحسين العلاقات مع أبوظبي، لافتاً إلى إمكانية التوصل والإقدام على خطوات مشابهة مع مصر وإسرائيل في إشارة إلى قرب تحقيق اختراق في مسار تحسين العلاقات التركية المتواصل مع القاهرة وتل أبيب، كما أجرتِ السعودية وإيران أربع جولات من المحادثات في العراق؛ لتخفيف التوترات واستئناف العلاقات بين البلدين.