إن الأزمات السياسية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على المجتمع الإيراني في السنوات الأخيرة كان لها تبعات جمة، ومن جملة تلك التبعات التي شملت طبقات مختلفة من المجتمع، زيادة الضغوط على الطبقة المحرومة، وتقلص الطبقة المتوسطة وتزايد انعدام الثقة بالقوى والكيانات السياسية، فضلاً عن اليأس المفرط من تحسن الوضع الحالي.
وبالتالي فإن هذا الوضع طغى وألقى بظلاله على المجتمع الإيراني، فيما زاد من حدة الانقسام القومي والمذهبي والجنسي و… ويعد محتوى شبكات التواصل الاجتماعي منصة مناسبة لمطالعة ومعرفة هذه الفجوات المجتمعية، فبالنظر للتغريدات والكومنتات والمنشورات التي تنشر في تويتر وتلغرام وانستغرام، يمكن رؤية انقسامات واضحة، فمن ناحية هناك من يتبنى نظريات ورؤى الوضع الحالي تحت مسميات الدفاع عن القيم ويطلقون على أنفسهم الثوريين، وكل من يحيد عن أفكارهم، ومتبنياتهم يعد مرفوضاً. وفي المقابل هناك مجموعة تحمل أفكاراً مغايرة تحت مسمى الدفاع عن الحرية تروم إلى الإطاحة بالنظام، وكل من يعارضهم يعد مرتزقاً، وفي الواقع كل مجموعة تهمش الأخرى ولا تعترف بها، وفي ظل هذه الظروف هناك مجموعة تذهب إلى الحل الوسط ما بين الرؤيتين، وعلى الرغم من أنهم لا يفضلون الوضع الراهن، إلا أنهم لا يفضلون أيضاً الإطاحة بالنظام الحالي، ودائماً ما يذهبون إلى الحلول الوسطى والأكثر اعتدالاً.
وأما إذا تعمقنا في محتوى شبكات التواصل لوجدنا أن القوى المحايدة التي باستطاعتها القضاء على سياسة المحاور أو الانقسام إلى قطبين، صوتها أضعف بكثير من باقي المحاور، ويبدو أن هذا الأمر من الوهلة الأولى نتيجة للتأزم السياسي والاقتصادي للسنوات السابقة، تلك السنوات التي كانت تبعث للإحباط من إجراء أي إصلاح، ولكنها ليست كل الحكاية، فشبكات التواصل تساعد على تقليل صوت الاعتدال ولكن كيف؟