روسيا وإيران هما من أهم فواعل الحرب السورية، حليفان داعمان لنظام الرئيس بشار الأسد، والفاعلان الرئيسان اللذان أمكن له الاعتماد عليهما في الحرب، ولعلهما -بالطبع ثمة عوامل أخرى- السبب الرئيس في بقائه واستمراره.
لكن الوقوف إلى جانب سوريا، كان نتيجة عوامل كثيرة، في مقدمها الاستجابة لمدارك تهديد مفاجئة وغير مسبوقة، أكثر منه مدارك الفرصة. ولأن الحدث تمركز في البداية حول «إسقاط الرئيس»، فقد بدا أن الطرفين يدعمانه شخصياً. وربما فكرا -لبعض الوقت- بالبحث عن بديل، وكذلك فعلت الولايات المتحدة، غير أن الأمور استتبت له، حتى الان؛ بل ان الموقف منه يكاد يُكثِّفُ الحَدَثَ السوري، بكليته.
في ظل الحديث عن توترات ومنافسات، وأحياناً صراعات، بين روسيا وإيران في سوريا، وفيه كثير من الصحة، وكثير من «الأدلجة» و»الرغبوية» أيضاً، فإن الورقة تحاول أن «تسلك دروباً أخرى» في القراءة والتحليل، بما أمكن من موضوعية، على صعوبة ذلك، بالنسبة لقارئ أو كاتب يرى أن ثمة جوانب في الحدث السوري، لا تجلوها التطورات، بل تزيدها غموضاً واستغلاقاً، إلى أن يُقدِّر اللهُ أمراً كان مفعولاً.
تنطلق الورقة من أن الموقف بين روسيا وإيران في سوريا يتطلب نوعاً من السياسات المتوازية، و»خطوط انتقال» في السياسات والرهانات، وتدبيراً مركباً لإكراهات الواقع، والموازنة بين قوى ومصالح وتقديرات مختلف الأطراف، من ذلك مثلاً الدخول في تجاذبات (تقارب-تنافر) مع أطراف متعارضة أو أطراف على جانبي الحرب.