من البديهي أن النظام السياسي الديمقراطي يتشكل من مؤسسات تتوزع عليها صلاحيات الدولة عبر نظامها السياسي، بطريقة تضمن تحقق مفهوم الدولة بكونها مؤسسة تحتكر الإكراه الشرعي في إطارها الجغرافي، إكراه لكون الدولة تُلزم المواطنين بفعل أشياء معينة، وتمنعهم عن فعل أشياء معينة، ولكن هذان الإلزام والمنع -الاكراه بعبارة أعم- يكونان شرعيين؛ لأنهما نابعان من تعاقد المواطنين على هذه الدولة، ورضاهم بمنحها هذه الصلاحيات، حفظا لحياة الناس، وصوناً للمجتمع مما يهدده من أخطار داخلية وخارجية.
ويكون تقاسم السلطات المعني في الأنظمة الديمقراطية على التقسيم الذي استقرت عليه الديمقراطية بعد تجارب كثيرة، ومراحل تأريخية كانت حافلة بالحروب والمشكلات، حتى وصلنا إلى التقسيم الحاضر على سلطات ثلاث تلتزم أمام بعضها، وأمام الشعب الذي انبثقت عبر إرادته الانتخابية، السلطة التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.
وفي النظم البرلمانية -مثل النظام العراقي- يشكل الفائز الأكبر -أو ائتلافه- الحكومة، ويكون مسؤولاً أمام البرلمان الذي انتخبه الشعب كوسيط بينه وبين الحكومة ضمن النظام السياسي، وهذه المسؤولية تتضمن خضوع السياسات العامة للحكومة لرأي البرلمان، سواء بما يتعلق بطرق انفاقها للموارد العامة، أو بطريقة إدارة النظام السياسي، وبناء العلاقات الخارجية، وغيرها من الواجبات التي تؤديها الحكومة، وبالتعاضد مع عمل السلطة القضائية كمؤسسة مسؤولة عن إصدار الحكم القانوني وفض النزاع بين أفراد المجتمع ومؤسساته، لنصل آخر الأمر إلى علاقة تكاملية بين مؤسسات النظام السياسي، التي تضمن حماية الدولة، وبقائها.