تعيش الدول العربية مرحلة تحول أساسية ليس على المستوى السياسي والأنظمة السياسية والدستورية فحسب، وإنما أيضاً على المستوى المجتمعي والاجتماعي، وكذلك على المستوى المؤسساتي والقانوني.
وتعد الحروب والصراعات، سواء كانت صراعات داخلية أو حروباً أهلية، أو كانت عدواناً خارجياً وحروباً دولية، مرحلة أساسية في حياة الدول. وفي الكثير من الأحيان تعتبر مرحلة تأسيسية على مستوى النظام السياسي دستوريا وتشريعياً. وفي تكوين العلاقة بين الدولة والمواطن، عندما تشكل مرحلة ما بعد انتهاء الصراع مؤشراً لقراءة النهج المعتمد للمرحلة الجديدة. لذلك تسعى الأطراف المختلفة إلى إيجاد حلول يفترض أن تكون مستدامة لإعادة الثقة بين مكونات المجتمع ومؤسسات الدولة، فتتجه الإرادة السياسية إلى بناء الدولة على أساس الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي هذا التوجه، يتعزز شعور المواطن بالعدالة وسيادة القانون من ناحية، وتتمتن العلاقة بينه وبين النظام الاجتماعي والاقتصادي و السياسي من ناحية أخرى، لتأسيس مكون شعبي مبني على مبادئ المواطنة في تفاصيلها المختلفة.
من هنا، طرحت مبادئ لإدارة المرحلة الانتقالية لترسم مسارا متعدد الأبعاد بهدف بناء الدولة، لا ينفصل كل بعد منها عن الآخر، وهي البعد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والبعد القانوني والقضائي. وبذلك، تتمكن المجتمعات من استعادة اللحمة بتخطي الجراح والأزمات، وتستعيد مؤسسات الدولة دورها، ويعود التفاعل السياسي بين الدولة والمواطن بحيث يقوى شعوره بالانتماء إلى المؤسسات دوناً عن غيرها من الجماعات المختلفة.