تأتي دول الخليج متأخرة على إيران في ترتيب ونطاق وثقل علاقاتها بالعراق. شهدت العلاقات الخليجية العراقية عودة معتدلة منذ رحيل رئيس الوزراء في حينها نوري المالكي عام 2014 وانتهاء نهجه السياسي. لكن لم يُحرز أي تقدم متكافئ على صعيد تطور الروابط السياسية والاقتصادية والأمنية الجوهرية من ذلك الحين. وما تزال دول الخليج حذرة بشأن الاستثمار بكثافة في العراق، ومتخوفة من أن تنحرف تعهداتهم المالية عن مسارها في نهاية المطاف بواسطة سياسيين مدعومين من إيران والجهات الفاعلة المسلحة في البلاد. كما أن هناك قدراً من الطمأنينة المتأتي عن الوجود الدبلوماسي والعسكري الأمريكي والأوروبي في العراق، وهو ما يطمئن دول الخليج إلى أن البلاد لا تمثل تهديداً مباشراً على أمنها.
عندما تتعامل دول الخليج مع العراق، غالباً ما يكون تواصلها تبايني وقصير الأجل وغير استراتيجي، على الرغم من وجود اختلافات بين الدول. على وجه الخصوص، سعت الحكومات الخليجية، في بعض الأحيان، إلى تحديد فاعلين سياسيين عراقيين معينين لدعمهم. بيد أن هذه الخطوة اثبتت فشلها، ولم تسفر عن الكثير، في الحين الذي ساهمت هذه الخطوة في تلويث سمعة دول الخليج في العراق. بينما كانت قد تركزت تعهدات مالية أكثر إيجابية تقدمت بها دول خليجية لتطوير المشاريع الاقتصادية المشتركة، ولكن الوتيرة البطيئة لعجلة البروقراطية في العراق أحبطت آمال هذه الدول على مثل هذه المشاريع، وقد واجهت (هذه الدول) صعوبة في تحديد ما إذا كانت هذه المشاريع متعثرة؛ بسبب التخريب السياسي المتعمد، أو بسبب ضعف قدرة العراق على الحكم.
لكن في الوقت نفسه، تتمتع إيران بروابط سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية ممتدة في جميع أنحاء العراق، لا تقتصر على المناطق الشيعية. توفر هذه العلاقات قيمة كبيرة لاقتصاد إيران وقدرتها على إبراز قوتها إقليمياً وخارجياً. إن النهج الإيراني وأسلوبه في التعامل مع العراق جدير بالملاحظة ولاسيما فيما يخص مرونته وديمومته وتوقعاته على المدى الطويل. وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض الدلائل على ضعف في التفاعل بين إيران والعراق بسبب اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني 2020، والذي يبدو أنه أدى إلى اشتداد المنافسة بين مختلف الجهات الإيرانية الفاعلة التي تسعى للسيطرة على سياسة بلادهم في العراق. علاوة على ذلك، فإن التأثير الكبير الذي تمارسه إيران في العراق يؤدي بنحو متزايد إلى نفور الجمهور العراقي، ولاسيما بعد أن أدت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران دوراً في توجيه الرد العنيف على حركة الاحتجاج 2019-2020 في العراق.