كانت تسريبات المحادثات المباشرة بين كبار المسؤولين الإيرانيين والسعوديين التي جرت في بغداد في نيسان بمنزلة الهدية لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. فمن المعروف أن دول الشرق الأوسط أكثر اعتياداً على تسهيل الحوار لمعالجة موضوع الصراع في العراق من اعتيادها في اللجوء إلى العراق للعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية. غير أن الكاظمي كان قد استفاد من العلاقات العميقة التي عمل على تنميتها مع حكومتي إيران والمملكة العربية السعودية في أعوام عمله كرئيس لجهاز المخابرات العراقية، ليجعل من العراق مسرحاً للمناقشات بين هذين الخصمين الكبيرين.
مع أن هذه المحادثات هي انتصار شخصي للكاظمي، إلا أنها قد تيسرت بعد تظافر عدد من التحولات الإقليمية والعالمية، ويمكن بسهولة أن تحيد عن مسارها بسبب التطورات التي لا يتحكم بها العراق. تتحين كل من المملكة العربية السعودية وإيران الفرص لتجميل سمعتهما امام الإدارة الأمريكية الجديدة والتأثير على نظرة واشنطن الإقليمية. الطرفان يسعيان إلى اكتساب منفعة إستراتيجية بما أن ديناميكيات الصراع الإقليمي تبدو على وشك التحول. إن هذا النهج البناء هش للغاية، وأي تصعيد للتوترات يمكن أن يقطع الطريق أمام مثل هذه العلاقة بسرعة. مع ذلك، فإن خطوات العراق الوليدة باتجاه العمل كوسيط إقليمي هي خطوات إيجابية لكل من البلد والمنطقة. يجدر بأوروبا متابعة الفرص لتعزيز عمل العراق كوسيط اقليمي، للمساعدة في استقرار العراق والشرق الأوسط على نطاق أوسع.