يعدّ شط العرب أحد أهم أوجه العلاقة بين بغداد وطهران، حيث يمثل هذا الممر المائي المفترق الأهم في العلاقات الجيوسياسية بين بغداد وطهران. وينظر لشط العرب على أنه ساحة سياسية اقتصادية جغرافية، وأن فتح ملفه من شأنه أن يوطّد علاقة البلدين أو يجرهما إلى صدام محتمل لمدة طويلة.
وتكمن أهمية هذا الممر المائي بأنه الممر الوحيد بجانب خور عبد الله الذي يربط العراق بالمياه المفتوحة، والرئة التي يتنفس بها العراق أوكسجين التجارة الدولية، وقد تسبب هذا الملف بالكثير من الصراعات العنيفة والصدامات المباشرة بين الطرفين على مدار الأنظمة الإيرانية الثلاثة (القاجارية، والبهلوية، والإسلامية) مخلّفة خسائر فادحة لكلا الجانبين، فكان تركيزهما منصبّا في العقود التي خلت على نسبة السيطرة على هذا الممر المائي الحيوي، في حين أن الجانبين لم يلتفتا إلى الهدف من وراء السيطرة وطريقة تقسيم هذه الرقعة المائية، فضلاً عن تجاهلهم لبدائل العمل المسلح، من أجل السيطرة على شط العرب.
إن هدف إيران الرئيس من الإصرار على ترسيم خط التالوك والتنظيم الملاحي هو الحفاظ على الاستراتيجية المائية بواجهة مدينتي (خرمشهر، وعبادان) المتاخمتين لشط العرب، والحفاظ على الحركة التجارية لميناء خرمشهر. ولا يخفى أن هذا الميناء كان من أهم الموانئ الايرانية في السبعينيات من القرن الماضي، وقد أدى دوراً رئيسياً في توريد البضائع التي تحتاجها السوق الإيرانية بعد زيادة إسعار النفط في حينها، فيما كان يتطلع العراق كبلد نامٍ إلى حاجته الضرورية للسيطرة على كل مياه شط العرب لوضع استراتيجية ملاحية؛ نظرا لزيادة صادراته النفطية. وفضلاً عن كل ذلك تعد السياسة المائية بتأثيراتها الحيوية على الأداء السياسات الحكومية طويلة الامد احد العوامل المهمة في تحديد الجوانب الاستراتيجية للعلاقات بين بغداد وطهران.