واجه الأمن الصحي في العراق تحولاً مهماً ولاسيما بعد عام 2003، إذ بدأ يأخذ أبعاداً استراتيجية تتأثر بمتغيرات البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، فضلاً عن المشكلات الناجمة عن تفشي الأمراض والأوبئة، وبالنظر لما يحمله من مخاطر على أمن الدولة وأفراده، فقد تتحول بسرعة إلى تهديدات غير تقليدية وكبيرة تحصد أرواح أفراد أكثر من أولئك الذين تزهق أرواحهم جراء الحروب والصراعات.
في حين تفاقمت التحديات التي تواجه الأمن الصحي في العراق وازدادت عمقاً من حيث الأثر والنتيجة، بحيث تحولت إلى عوامل لها آثار سلبية على الحالة الصحية للمواطن العراقي، والمتمثلة باندثار البنى التحتية، ومحدودية توظيف الامكانات البشرية، وعدم توافر الاجهزة والمختبرات القادرة على تشخيص الأمراض الوبائية، وصولاً إلى الأدوية والعقاقير ومراكز الصحة النفسية، فهي تضعنا أمام خيارات مصيرية تدعو إلى بناء خطط وطنية لتنمية قطاع الأمن الصحي في العراق.
فالتساؤل الأساس هو عن واقع الأمن الصحي في العراق خلال المرحلة الراهنة، فضلاً عن إدراكات وتصورات المواطن العراقي تجاه هذا الملف.
وستعتمد الورقة الحالية منهجية تتبع الأرقام الرسمية الخاصة بالوضع الصحي من حيث البنى التحتية والخدمات المقدمة والوضع السكاني والاقتصادي العام المؤثر على الأمن الصحي، فضلاً عن دراسة مسحية استطلاعية عن تصورات المواطن العراقي حيال هذا الموضوع.