في شباط 2021، أحيت الكويت الذكرى الثلاثين لتحريرها من الغزو العراقي. منذ غزو العراق للكويت عام 1990-1991 على يد قوات صدام حسين، تحولت العلاقة العراقية الكويتية من علاقة عداء إلى علاقة وئام نسبي. بيد أن سقوط نظام البعث في العراق عام 2003 لم يساعد على تبديد ذكريات الماضي أو الارتياب المتبادل، ومع ذلك فإن جهوداً كثيرة بُذلت لترميم العلاقات الثنائية.
كانت الأمم المتحدة تؤدي دور الوسيط الرئيس بين البلدين خلال التسعينيات. وفي الوقت الحاضر، اُستبدلت وساطة الأمم المتحدة بلجنة وزارية عراقية كويتية. وشأنها شأن أي علاقة بين دولتين، لا تتوافق المصالح الكويتية والعراقية دائماً. وهذا ما كان واضحاً بين آب 2019 وآذار 2020، عندما أعربت الدولتان عن شكاواهما بشأن حدودهما الملاحية في خطابات إلى الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة رَسمت الحدود البرية العراقية الكويتية في عام 1993، إلا أنها لم ترسم الحدود البحرية على امتدادها بين البلدين، وتركت هذا الشأن للدولتين.
على كل حال، من المؤكد أن التطرق لمشكلة الملاحة بمعزل عن المشكلات الأخرى هو أمر يتعسر فعله. على أن إبرام اتفاق شامل يعالج من خلاله كلاً من الكويت والعراق المشكلة الملاحية، وفي الوقت نفسه يعالج المشاكل المعلقة التي ما تزال بلا حلول، هو أمرٌ من المرجح نجاحه. عبر رفع سقف الرهانات لكلا البلدين، ومن خلال إيجاد صيغة تفاوضية أوسع نطاقاً تسمح بتقديم التنازلات، سيكون ثمن فشل المفاوضات باهظاً جداً، وهذا ما يدفع الكويت والعراق للتوصل إلى تفاهم. ومن بين القضايا التي يمكنهم معالجتها هي قضية بناء موانئ خاصة لكلا البلدين على ممر مائي مشترك، ومسالة إدارة الحقول النفطية الحدودية، وقضية أمن الحدود، فضلاً عن قضية تسهيل التبادل التجاري والنقل. من الممكن أن يقدم نجاح البلدين أنموذجاً أنه كيف يمكن أن يتغلب عدوان سابقان على نزاعهما؟ وأن نجاحهما سيعزز السلام والاستقرار، وسيقدم منهجية مبتكرة لحل الصراعات.