back to top
المزيد

    المساعدات والمنح في القرن الإفريقي والقارة السمراء بين أهداف التنمية وتطلعات المانحين

    تعد القارة الإفريقية في الوقت الراهن، مسرحاً للعديد من الصراعات الدولية والإقليمية لما تمثله من أهمية شاملة ضمن المنظور الأمني والاستراتيجي للعالم أجمع، وعلى رأس القارة تأتي منطقة القرن الأفريقي كواحدة من المناطق الحيوية في مفهوم الجغرافيا السياسية الحديثة؛ نظراً لما تمثله دولها من مواقع استراتيجية، ومنافذ بحرية وثروات وموارد طبيعية جعلتها مطمعاً للقوى الكبرى وللعديد من الأطراف دولياً وإقليمياً، ولاسيما بعدما تحررت هذه المنطقة من مفهومها الجغرافي القديم المقتصر على جغرافيا الصومال وحدها، إلى مفهومها الجديد الذي تتسع رقعته لتضم كلاً من إريتريا وإثيوبيا وجيبوتي وكينيا والسودان، ومعظم دول شرق إفريقيا وإقليم البحيرات، فيما يعرف حديثاً بــ» القرن الإفريقي الكبير أو العظيم The Greater Horn of Africa»
    وعلى الرغم مما تتمتع به منطقة القرن الأفريقي من مميزات جغرافية وثروات طبيعية آخذة في التنامي، إلا أن تاريخها مع المعاناة والفقر والحروب الأهلية لا يقل بأية حال من الأحوال عن تاريخ بقية دول القارة السمراء المليء بالمحن والأزمات، ما جعلها بعيدة كل البعد عن توظيف مميزاتها وثرواتها في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية لشعوبها وحكوماتها؛ الأمر الذي باتت معه دول القرن تعتمد اعتماداً شبه كلي على المنح الخارجية القادمة من الهيئات والمؤسسات الأممية وبعض الأطراف الدولية والإقليمية؛» فإريتريا والصومال مثلاً أكثر دول العالم اعتماداً على المساعدات الخارجية».
    وفي الحقيقة لا تقل بقية دول القرن اعتماداً على المساعدات الخارجية عن هاتين الدولتين (إريتريا والصومال)، مع فارق طفيف يتعلق بطبيعة النمو الاقتصادي الإيجابي لدى بعض الدول مثل أثيوبيا التي نما اقتصادها بقوة في السنوات الأخيرة، وجيبوتي التي تتحصل سنوياً على ما يقارب الربع مليار دولار لقاء إقامة قواعد عسكرية مملوكة للغير على أراضيها؛ لكن ما تزال الأوضاع تؤكد على فشل سياسات كل تلك الدول في تحقيق ما تحتاجه المنطقة من تنمية اقتصادية واكتفاء ذاتي.
    وباستحضار الأهمية الجيوستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي من جهة، جنباً إلى جنب، مع استحضار معاناتها الاقتصادية المزمنة على مدار قرون عديدة ماضية وإلى الآن من جهة ثانية، ثم استحضار الصراع الدولي والإقليمي المحموم تجاهها من جهة ثالثة، فقد رأت هذه الدراسة، ضرورة قصوى، في الوقوف على طبيعة الدور الذي قد تلعبه المنح الاقتصادية ويلعبه المانحون الدوليون والإقليميون، في توجيه وتكييف دفة الوقائع السياسية والاستراتيجية والأمنية والتجارية المتماسَة مع دول القرن الأفريقي، فضلاً عن استطلاع مجمل المؤثرات السلبية الواقعة على الدول الممنوحة من قبل الدول المانحة، وما إذا كانت المنح المقدمة للأولى مبطنة بشروط خفية لتحقيق أغراض مخصوصة للثانية؟

    لقراءة المزيد اضغط هنا