تتمتع المنافذ الحدودية بمكانة مهمة في جدول اولويات الحكومات العراقية، فعلاوة على كونها رافداً رئيساً للواردات غير النفطية للدولة العراقية، أصبحت المنافذ الحدودية نافذة للفساد تعتاش عليها عصابات من الفاسدين والخارجين على القانون والمعتدين على المال العام، ولاسيما أن الوضع الأمني غير المستقر على مدى السنوات الماضية ساعد في تهيئة بيئة خصبة لتلك العصابات لارتكاب ممارسات الفساد المختلفة، وإن غياب السياسة الحازمة في إدارة المنافذ ساعد كثيراً في تبعثر إيرادات المنافذ الحدودية؛ ليصبح إصلاح هذه المنافذ من أولويات الحكومات المتعاقبة.
تعمل شبكة من المؤسسات الحكومية والدوائر الأمنية والخدمية في المنافذ الحدودية منها الهيئة العامة للكمارك وجهاز الأمن الوطني والهيئة العامة للضرائب على إدارة المنافذ الحدودية ضمن توصيفها الوظيفي والمهام المنوطة بكل منها، وفي عام 2016، تم استحداث الهيئة العامة للمنافذ الحدودية، وأنيطت بها مسؤولية الإشراف والسيطرة والتنظيم والمراقبة على المؤسسات المختلفة العاملة في المعابر الحدودية، ومنحت صلاحية إصدار العقوبات بحق العاملين من الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة عند إخلالهم بعملهم الوظيفي في المعابر الحدودية، تقلدت الهيئة العامة للمنافذ الحدودية سلطة إدارة المنافذ الحدودية ومنح مجلس الهيئة صلاحية وضع السياسة العامة للهيئة في 2017.
برز ملف المنافذ الحدودية على رأس أولويات الحكومة العراقية التي ترأسها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 2020، وباشرت هيئة المنافذ الحدودية خطة عمل لمكافحة الفساد والارتقاء بالعمل في المنافذ، حينها ذكر رئيس الهيئة الدكتور عمر الوائلي في لقاء متلفز بأن الخطوط العريضة في خطة العمل هي “تدوير ومناقلة الموظفين، وتوفير غطاء امني، واتمتة الاجراءات، والتعاون المؤسساتي”. وبعد مضي عدة أشهر على تصريحه المذكور، وجدنا أن هناك نوعاً من الجدية والسعي الحثيث في المضي نحو أتمتة عمل المنافذ الحدودية، إذ أكد رئيس الهيئة مؤخرا بأن العمل قد بدأ في أتمتة إجازة الاستيراد وشهادة المنشأ وغيرها من المعاملات، كما اكدت الامانة العامة لرئاسة الوزراء التزام الحكومة بتنفيذ هذا المشروع وبجهود ذاتية محلية، وسنسعى في بحثنا إلى مناقشة سياسة أتمتة المنافذ الحدودية من حيث الرؤية المستقبلية وتجاوز التحديات سعياً لرفد الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية والتطوير في عمل المنافذ الحدودية ومكافحة الفساد فيها.