تعرف الدبلوماسية بأنها فن الوصول إلى الأهداف والمصالح دولياً وبالسبل السلمية. ويشير هذا التعريف إلى بديهيات الفكر المنطقي للمصطلح، ولكن، وبهدف الوصول إلى الفهم الكامل لما تدعى بالدبلوماسية يتوجب علينا التوغل قليلاً في المفاصل التأريخية، التي مرت بها لتطبيق هذا المصطلح.
إنّ مصطلح “الدبلوماسية” مر بمراحل تأريخية مثيرة للاهتمام، إذ اُستخدمت كلمة “Diplomacy” الإنجليزية للمرة الأولى قبل ما يقارب الـ 370 عاماً. وظهر هذا المصطلح أيضاً في العصور الوسطى في أوروبا، إذ كان يحمل معنى “الوثيقة” الصادرة عن الحاكم. كانت تطوى البرشمانات على شكل الظروف وكان يطلق عليها اسم الـ “Diplou” والتي تعني في الإغريقية الشيء ذا الانطواء المضاعف. ومن المعاني الأولى التي اتسم بها هذا المصطلح يُذكر، بأن الدبلوماسي هو الشخص الذي يتمتع بثقة بلاده الذي يرسل إلى الخارج من أجل الكذب لخدمة مصلحة بلاده الأم.
ويذكر الباحث في شؤون العلاقات الخارجية ريشارد فريليك، بأن من الممكن معاملة السحرة في العصور الأوروبية الغابرة هم أوائل دبلوماسي التاريخ، إذ كانوا مبتعثين إلى القبائل الغريبة للتفاوض ولإمكانياتهم السحرية، كان على الجميع الاستماع لهم والاحترام خوفاً من بطشهم في استخدام السحر.
وقد اتفق مؤرخو أوروبا، بأن مفهوم الدبلوماسية ظهر في بداية الحقبة المعاصرة؛ وهذا ما يعدُّ خطأ فادحًا لتجاوز الفصول التأريخية، التي مرت بها هذه الظاهرة، وفي الحقيقة تعد من أقدم الظواهر السلوكية التي مر بها الإنسان. فحين يتعلق الأمر بوضع مفهوم الدبلوماسية في السياق المناسب فعلينا وقبل كل شيء، أن نرى أنّ الطبيعة البشرية أجبرت الإنسان على وضع الخطط المنطقية للتعامل مع الشعوب الأجنبية أو مع الغرباء بصورة سلمية.