back to top
المزيد

    مستقبل الدعم الأمني الدولي في العراق

    شيلي كيتلسون: صحفية مستقلة.

    بعد ما يقرب من ثلاث سنوات على إعلان العراق النصر على تنظيم داعش، يبقى السؤال ما إذا كانت الدول الأجنبية ستواصل مساعدة بغداد في الحفاظ على الأمن؟ وإلى أي مدى سيؤثر ذلك على التحالفات الجيوسياسية وعمليات مكافحة الإرهاب والفساد؟ والعديد من القضايا الأخرى في العراق.

    إن كيفية تعامل رئيس الوزراء الجديد ورئيس جهاز المخابرات الوطنية العراقية السابق مصطفى الكاظمي مع المطالب الداخلية وموازنة العلاقات مع الولايات المتحدة وإيران سيحدد امكانية إحراز تقدم في مجال ضبط الدولة للسلاح قبل إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة[1]. في أواخر شهر آب -وكجزء من الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة- ورد أن الرئيس دونالد ترامب أخبر الكاظمي أن جميع القوات الأمريكية ستخرج من البلاد بحلول عام 2023[2].

    تقود الولايات المتحدة التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش وتعد أكبر مانح للحكومة العراقية في قطاع الأمن والمساعدات الإنسانية[3]. ومن المرجح أن يؤدي الانسحاب الأمريكي دوراً رئيساً في كيفية تخطيط العراقيين للسنوات المقبلة.

    بعض العشائر السنية[4] التي أدت دوراً فاعلاً في محاربة تنظيم القاعدة في العراق بعد 2003 أخبروا الكاتبة[5]أنهم طلبوا من إيران المساعدة في السنوات الماضية بعد أن فشلت الولايات المتحدة في الإيفاء بوعودها عام 2014 في بداية القتال ضد داعش. واعترفت بعض فصائل البيشمركة في المنطقة المحيطة بالسليمانية[6] أن إيران تساعدهم أيضاً. ومن شأن تناقص تهديد داعش والقدرات المتزايدة للقوات العراقية أن يقلل من الحاجة إلى المساعدة الأمنية الأجنبية من الناحية النظرية.

    لطالما شجعت الجماعات الفصائل الموالية بإيران وعدد كبير من السكان خروج الولايات المتحدة الكامل من البلاد. ومع ذلك، يزعم بعضهم -بما في ذلك العديد من أفراد قوات الأمن العراقية الرسمية- أن قوات الأمن العراقية لا يمكنها الصمود بمفردها ضد كل من داعش والجهات الفاعلة الأخرى غير الحكومية ما تزال بحاجة إلى التدريب والمعدات والمعلومات الاستخبارية التي يوفرها التحالف.

    أدى الهجوم الأمريكي في 3 كانون الثاني على الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس في مطار بغداد إلى زيادة التوترات بشأن وجود القوات الأمريكية في البلاد. وشهدت الأشهر اللاحقة هجمات لا حصر لها من قبل جماعات غير معروفة يشتبه في صلتها لبعض الفصائل في العراق[7]، التي صنفتها الولايات المتحدة رسمياً على أنها جماعة إرهابية، ولكنها تحصل على الرواتب الحكومية كونها جزءاً من الحشد الشعبي، وتهديدات من قبل عدة فصائل مسلحة وسياسية مرتبطة بإيران في العراق ضد كل من القوات الغربية وأي عراقي على اتصال بها.

    كُلفت قوات جهاز مكافحة الإرهاب -التي دربتها الولايات المتحدة- في حزيران بتنفيذ غارة على مقر كتائب حزب الله في جنوب بغداد[8]، لكنها أُجبرت على إطلاق سراح معظم المعتقلين بعد ذلك بوقت قصير.

    ينظر إلى جهاز مكافحة الإرهاب على أنه أحد العناصر المهمة في القتال ضد تنظيم داعش ابتداءً من عام 2014، وقد استمر هذا في تلقي الدعم الأمريكي حتى بعد توقف دعم التحالف لجميع القوات العراقية مؤقتاً ورسمياً بسبب التوترات المتزايدة. وكانت هناك دعوات في شهر آب لإرسال جهاز مكافحة الارهاب لإعادة النظام إلى البصرة، وينظر إلى هذه القوات على أنها الأفضل تدريباً والأكثر ثقة.

    ركز الكثير من النقاش عن العراق على التحالفات المبنية على أساس الطائفة، لكن الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي بدأت في تشرين الأول عام 2019 وأدت إلى استقالة الحكومة السابقة كانت بالكامل تقريباً في الأجزاء الوسطى والجنوبية ذات الغالبية الشيعية من البلاد. وانتقد العديد من المتظاهرين تدخل الولايات المتحدة وإيران في العراق[9]، وقد اُتّهمت بعض فصائل الحشد الشعبي المرتبطة بإيران بقتل المتظاهرين والنشطاء الذين يُنظر إليهم على أنهم مقربون من الولايات المتحدة[10].

    في السنوات التي أمضيتها في تقديم التقارير من العاصمة ومناطق أخرى في العراق منذ أواخر عام 2014، وجدت أن العديد من ضباط الجيش العراقي -الشيعة والسنة- يميلون إلى دعم استمرار الوجود الأمريكي في البلاد؛ بسبب التدريب، والاستخبارات، والأسلحة التي يتلقونها.

    والاستثناء الوحيد كان في أثناء التغطية الصحفية بالقرب من الحدود السورية العراقية، حيث كان بعض أعضاء إحدى الفرق مصرين على أن الحشد الشعبي لم يمنح ما يكفي من التقدير في وسائل الإعلام الدولية للدور الذي ادعى الضباط أنهم أدوه في هزيمة تنظيم داعش. وأعربوا عن المشاعر المعادية للولايات المتحدة، قائلين إنه لن يُسمح للصحفيين بدخول المنطقة ما لم يصوروا الحشد الشعبي في صورة أفضل مما كانت عليه حتى الآن. واتُهمت فصائل أخرى من الحشد الشعبي[11] -بما في ذلك قوات الأمن المحلية في المنطقة الحدودية- بالسيطرة على طرق التهريب إلى شرق سوريا والاستفادة منها[12].

    في الأسابيع الأخيرة، أرسل الكاظمي الجيش لمراقبة المعابر الحدودية؛ مما أسفر على الفور عن زيادة عائدات الجمارك. وتساهم الدول التي ليست ضمن التحالف عبر القنوات المباشرة وغير المباشرة في الحفاظ على الأمن في البلاد، ولاحظ بعض المحللين أنه بينما تميل الولايات المتحدة والدول الغربية إلى التركيز على تعزيز مؤسسات الدولة، لجأت بعض الجهات الفاعلة الإقليمية مثل إيران في كثير من الأحيان إلى تقوية الجهات الفاعلة غير الحكومية لزيادة نفوذها في البلاد؛ وبالتالي إضعاف الدولة بشكل كبير.

    وفيما يتعلق بمستقبل المساعدة الأمنية الدولية للعراق، قال ضابط من دولة أوروبية تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته إن السؤال يجب أن يكون “لماذا [ينبغي لنا] تقديم المساعدة الأمنية في العراق؟” وأشار الضابط أيضاً إلى أنه “من منظور قصير الأمد لا يوجد تهديد تجاه أوروبا والولايات المتحدة من العراق في الوقت الحالي يدعو أو يبرر (من منظور سياسي / وطني) وجود قوات دولية في العراق”. لقد انسحب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من ست قواعد في الأشهر الأخيرة، لكن الهجمات تتواصل على القواعد التي ما تزال تستضيف عسكريين دوليين. ومن جهة ثانية يواصل تنظيم داعش شن هجمات في عدة مناطق في جميع أنحاء البلاد، ولاسيما في المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان.

    ومن المقرر أن تتولى الدنمارك قيادة مهمة تدريب الناتو في البلاد في نهاية هذا العام[13]. وقال تقييم دنماركي[14] إن الوضع الأمني ​​قد ساء في الأشهر الأخيرة وإن الجماعات المسلحة تشكل “تهديداً سياسياً وعسكرياً للمصالح الغربية في البلاد”.

    وتبدو الولايات المتحدة واثقة من أن البلاد في وضع جيد لدرء أي عودة للجماعات المسلحة التي قد تشكل خطراً على مصالحها في المنطقة وخارجها. أو قد تشعر ببساطة أنه لم يعد مرحباً بها، على الرغم من التأكيدات المتكررة من الكاظمي بأن العراق والولايات المتحدة يتمتعان بعلاقات وثيقة.

    وبالتالي، فإن المساعدة الأمنية الدولية من الدولة التي قدمت أكبر قدر من المعدات والذخيرة والتدريب في السنوات الأخيرة لقوات الدولة ستنخفض بنحو كبير. ويبقى الأمل أن يساعد الآلاف من الجنود المدربين وملايين الدولارات التي صُرفت على المعدات واستمرار المساعدات الإنسانية في ضمان الأمن في البلاد قدر الإمكان.


    المصدر:

    https://www.ispionline.it/en/pubblicazione/future-international-security-assistance-iraq-27278

    [1] https://foreignpolicy.com/2020/08/07/iraqs-needs-control-iran-backed-militias/

    [2] https://twitter.com/LawkGhafuri/status/1296451680981090304?s=20

    [3] https://reliefweb.int/report/iraq/us-announces-humanitarian-assistance-iraq

    [4] https://mepc.org/iraqs-tribal-sahwa-its-rise-and-fall

    [5] https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2018/04/shirqat-police-pmu-iraq.html

    [6] https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/09/peshmerga-iraq-iran-kurd-isis-krg.html

    [7] https://foreignpolicy.com/2020/05/11/a-powerful-iran-backed-militia-is-losing-influence-in-iraq/

    [8] https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/07/counter-terrorism-forces-iraq-pmu.html

    [9] https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/01/iraq-iran-us-protests-1.html

    [10] https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2019/11/nassiriya-iraq-iran-protests-abdul-mahdi.html

    [11] https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2019/04/iraq-anbar-qaim-pmu-shiite-militia-iran-syria.html

    [12] https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2019/07/iraq-shite-militias-qaim-syria.html

    [13] https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/06/iraq-terrorism-isis-nato.html

    [14] https://fe-ddis.dk/SiteCollectionDocuments/FE/SituationsOgTrusselsvurderinger/Irak25052020.pdf