جوبين صفاري، جريدة ابتكار الإيرانية.
وضع برنامج بدلاً من جدلية الوعود
إن الظروف الاقتصادية والسياسة في البلاد ربما لن تتيح المجال بسهولة لرسم آفاق واضحة للانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران. فعامة الناس غير راضين عن الظروف الاقتصادية شديدة التعقيد والناجمة عن القرارات السياسة المتخذة، طبعاً لم تفلح الحكومة الثانية عشرة في اتخاذ خطوات عملية لتحسين الظروف، في موقع حاسم وحساس، وذلك قبل انتهاء عملها بعام، وعلى الرغم من كل ذلك فالمحافظون الذين حققوا فوزاً في انتخابات مجلس الشورى الثانية عشرة بسبب ضعف إقبال الناس على المشاركة في تلك الانتخابات، يأملون أن ينجحوا أيضاً في إيصال مرشحهم المنشود إلى كرسي رئاسة السلطة التنفيذية في الانتخابات الرئاسية.
على الرغم من ذلك فالنهج المتبع من قبل التيارين الرئيسيين في البلاد يشير إلى انعدام وجود مؤشرات تدل على وضع برامج دقيقة لمستقبل البلاد. كأن التيارين يأملان عبر إثارة موجة حماس وسط الناس بواسطة الشخصيات التي من المحتمل أن تطرح نفسها خلال الأشهر المقبلة كمرشحين للانتخابات الرئاسية، إلى اتباع الرؤية نفسها التي اُتّبعت بين سنوات 2005، و2017 ميلادية على عتبة الانتخابات طبعاً مع بضعة تباينات.
لكن ربما يمكن تحليل الانتخابات الرئاسية عام 2021 باختلاف طفيف عن بعض الدورات السابقة. في الحقيقة خلال العقود العدة الماضية توجه الناخبون إلى صناديق الانتخابات مدفوعين بالوعود التي قطعتها التيارات كافة من قبيل الإصلاحيين والمحافظين والمعتدلين، لكن في نهاية المطاف لم تتحقق النتيجة المرجوة.ودراسة أداء الحكومات جزء بجزء وتحديد نقاطها الإيجابية والسلبية ليس موضوع هذا المقال. إن ما ينبغي إدراكه في هذا الصدد هو فراغ الفضاء السياسي للأحزاب والتيارات ومدى تمكنها من الدخول إلى معترك المنافسة ليس من طريق الاعتماد على العلامة التجارية الشخصية بل بطرح جدول زمني عملي بعيداً عن الصخب والشعارات.
في الحقيقة إن أول المؤشرات لظهور تحركات انتخابية من قبل رئيس مؤسسة المستضعفين بهدف صناعة علامة تجارية شخصية، لم تختلف كثيراً عن النهج الذي اتبعه المرشحين قبله. فالتسريبات التي طالت شخصيات تنتمي لكلا التيارين (إذا توافرت الإمكانية على تسميتها تسريبات) مثلت أسلوباً متبعاً من قبل محمود أحمدي نجاد خلال سنوات 2005، و2009، وطبعاً لم تكن العاقبة واضحة وإيجابية للناس.
ربما يمكن القول إن الرأي العام الإيراني تجاوز هذا النوع من صناعة العلامات التجارية، وفي الأساس لا يعتقد الشعب الإيراني أن تجاوز الظروف الحالية منوط بشخص يطلق تصريحات نارية.
ندرك جيداً أن التنمية في البلاد تحتاج إلى تغيير في البنى الاقتصادية (الرؤى السياسية، والثقافية)، ودون أدنى شك يحدث هذا الأمر عبر تطبيق آلية منطقية بالاعتماد على الأفكار التخصصية والابتعاد عن الانفعال. وإلى جانب كل ما ذُكر تعيش وسائل الإعلام الاستقصائي باعتبارها تمثل سلطة الديمقراطية الرابعة أحد أسوأ ظروف العمل، وجراء أنواع القيود المفروضة عليها أخلت الميدان لوسائل الإعلام غير الرسمية. وبالتأكيد مثلما لم تنخفض أسعار السلع والخدمات على الإطلاق على الرغم من الإجراءات القمعية المتخذة، فإصلاح الرؤى والاستراتيجيات أيضاً لا يكون متاحاً بالطريقة عينها.
يبدو أن انتخابات رئاسة الجمهورية لعام 2021 تحتاج إلى تغيير جلود التيارات وأفكارها قبل أن تكون بحاجة إلى وجوه جدلية؛ كي تطرح برنامجاً عقلانياً واقعياً للبلاد. وهذا الأمر لم تظهر بوادره إطلاقاً لدى التيارات السياسية في البلاد.
المصدر: