أدّت الجغرافيا منذ آلاف السنين دوراً ريادياً في تحديد نمط سلوك الوحدات السياسية، وتصورات القادة والمجتمعات للدور الذي ينبغي أن تضطلع به “دولتهم”، والمكانة التي ينبغي أن يأخذها مجتمعهم في علاقته ببقية الوحدات السياسية والمجتمعات، سواء في زمن الحرب أو في أوقات السلام.
وقد ذكر جوزيف ناي في كتابه “مفارقة القوة الأمريكية” لم تحل الجغرافيا الاقتصادية محل الجغرافيا السياسية، رغم أن مطلع القرن الحادي و العشرين قد شهد بوضوح محو الحدود التقليدية بين الاثنتين، ذلك أن تجاهل دور القوة المركزية والشؤون الأمنية سيكون كتجاهل الأكسجين، ففي الظروف الاعتيادية يوجد الأكسجين بكثرة، فلا نعيره اهتماماً يذكر، ولكن ما أن تتغير هذه الظـروف، ونبدأ في افتقاد الأكسجين حتى نعجز عن التركيز على أي شيء آخر”. وهذا ما أكده نيكولاس سبيكمان بالقول: “الجغرافيا لا تُجادل، فهي ما هي عليه ببساطة… الجغرافيا هي العامل الاكثر أهمية في السياسة الخارجية للدول، لأنها أكثر العوامل ديمومة، يأتي الوزراء ويذهبون، وحتّى الطغاة يموتون، لكن السلاسل الجبلية تظّل راسخة في مكانها” .
هناك خمسة أسس تعد عناصر رئيسة للجيوسياسية، يجب أخذها بالحسبان عند دراسة أي دولة من الناحية الجيوسياسية يأتي في مقدمتها: الموقع الجغرافي للدولة من الناحية الفلكية، والجغرافية، والسياسية. فضلاً عن شكل الدولة وإطلالها على المياه، ووقوعها على طرق تجارية، والمناخ، والسكان، والموارد الطبيعية.