دانيا السعدي: مختصة بشؤون الطاقة.
تمثّل اتفاقات الطاقة العراقية الأخيرة مع الشركات الأمريكية مجموعة من التعاقدات التي يجب ترجمتها إلى شروط تجارية ثابتة في وقت أخفقت فيه واشنطن في تمديد الإعفاءات لواردات الطاقة الإيرانية التي تنتهي صلاحيتها خلال شهر أيلول الحالي. أشاد وزير الطاقة الأمريكي دان برويليت بالصفقات التي تصل قيمتها إلى 8 مليارات دولار ووصفها بأنها “مفتاح لمستقبل الطاقة في العراق”، وشدد على ضرورة أن يكون منتج أوبك مستقلاً في مجال الطاقة عن إيران، دون الإشارة إلى الإعفاءات، بحسب ما أفاد خلال تصريح لوزارة الطاقة الأمريكية في 19 آب الماضي.
يتلقى ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك إعفاءات لاستيراد الطاقة من إيران منذ أن أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات على قطاع الطاقة الإيراني في عام 2018. وصرّح محلل شؤون العراق في Control Risksباتريك أوسجود: “من المستبعد جداً أن تنهي الولايات المتحدة الإعفاءات من العقوبات، ولاسيما مع التركيز على الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي بالعراق؛ الأمر الذي يبيّن للمسؤولين الأمريكيين أن اعتماد العراق على الطاقة الإيرانية مؤقت. وستشير مدة الإعفاء المقبل إلى درجة ثقة الولايات المتحدة في نية بغداد”.
وُقّعت اتفاقية الربط الكهربائي مع دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2019، ولكنها واجهت تأخيرات، ولاسيما مع تفشي جائحة كورونا. ويتعرض العراق لضغوط أمريكية لوقف واردات الكهرباء والغاز الإيرانية، وهو أمر ضروري؛ بسبب نقص الطاقة، وحرق الغاز المصاحب، الذي يرتبط أيضاً بحدود الإنتاج لمحاولة البلاد الالتزام بتخفيضات أوبك +. وقد منحت الولايات المتحدة العراق إعفاءً لمدة 120 يوماً في أيار الماضي كدعم لرئيس الوزراء المعيّن حديثاً مصطفى الكاظمي. وقال رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة فيريسك مابليكروفت نيام ماك بورني: “إن مذكرات التفاهم الموقعة خلال الرحلة تهدف إلى زيادة الإمدادات العراقية المحلية إلى أقصى حد، وتسهيل تحسين استقلال الطاقة”.
ليس جديداً؟
في أثناء زيارة الكاظمي إلى واشنطن، وقعت جنرال إلكتريك ووزارة الكهرباء اتفاقيات لتعزيز إمدادات الطاقة وتقوية الترابط مع الدول المجاورة في بيان نُشر في 19 آب. وبحسب بيان صادر عن شركة جنرال إلكتريك بالتأريخ المذكور آنفاً وقعت الشركة اتفاقيات مع وزارة الكهرباء العراقية تبلغ قيمتها أكثر من 1.2 مليار دولار.
ولا تعدّ اتفاقيات جنرال إلكتريك جديدة بحسب الزميل في معهد الطاقة العراقي هاري إستيبانيان، إذ قال: “في تشرين الأول عام 2019، وافق مجلس الوزراء السابق على اقتراح جنرال إلكتريك بإعادة تأهيل شبكة الكهرباء والمحطات الفرعية، بما في ذلك 750 كم من خطوط النقل ذات الجهد العالي و17 محطة فرعية في المناطق المحررة بمحافظتي نينوى والأنبار، وتوفير خط رابط مع الأردن. وبلغت التكلفة الاجمالية 727 مليون دولار”. واتفقت الحكومة السابقة مع جنرال إلكتريك على إبرام عقود بقيمة 500 مليون دولار لتحديث 6000 ميغاوات من توربينات وزارة الكهرباء اللازمة لتوليد الطاقة وصيانتها، لكن توقيع العقد تأخر بسبب استقالة الحكومة في تشرين الثاني عام 2019″.
صفقة شيفرون
كانت الصفقات البالغة قيمتها 8 مليارات دولار هي أبرز ما في رحلة لم تشهد أي صفقات أخرى بمليارات الدولارات، لكنّ المحللين يقولون إنهم بحاجة إلى أن تتحوّل إلى اتفاقيات مع تواريخ مؤكدة وشروط تجارية. وقال أوسجود: “إن مدى جدية هذه الاتفاقات يعتمد في المقام الأول على ما إذا كان العراق قادراً بالفعل على إتمام العقود”. وكانت إحدى الاتفاقيات الرئيسة هي الصفقة الموقعة بين وزارة النفط العراقية وشركة شيفرون، وبحسب وزارة الطاقة الأمريكية في 19 آب، فإن هذا الاتفاق هو بمنزلة “إطار عمل للدخول في مفاوضات حصرية بشأن عقد التنقيب، والتطوير، والإنتاج في محافظة ذي قار”. ويضيف أوسجود: “كانت إدارة النفط العراقية في السابق مترددة جداً في تبني ترتيبات تجارية جديدة لتأمين استثمارات شركة النفط الدولية خارج المناقصات المفتوحة، هي الإطار الذي تم بموجبه التعاقد على معظم حقول النفط في الجنوب”. “إذا تمكنت الحكومة من إتمام ترتيب تعاقدي يمكن أن يفيد في استثمار النفط بطريقة تقلل من الطلب النقدي على الدولة العراقية، فستكون الحكومة قد وجدت طريقة لجلب طرق استكشاف جديدة إلى محافظة بحاجة ماسة إلى الاستثمار الأجنبي”.
مشروع غاز ارطاوي
اتفقت شركة هانيويل ووزارة النفط على “المضي قدماً في تطوير مشروع غاز أرطاوي، الذي سيمكن العراق من استثمار ومعالجة واستخدام موارد الغاز المحلية لتلبية الطلب المحلي على الطاقة”. وصرح وزير النفط إحسان إسماعيل في 23 آب بأن مشروع غاز أرطاوي هو أكبر مشروع للغاز في البلاد، لكنه تأخر بسبب نقص التمويل، وسينتج في البداية 300 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم وسيصل في النهاية إلى مليار قدم مكعب قياسي في اليوم من الغاز. وقال نائب رئيس الوزراء ووزير المالية علي علاوي في 21 آب إن أرامكو السعودية وأكوا باور قد يشاركان في مشروع غاز أرطاوي.
وصرح ماكبيرني: بـ”أن خبرة أرامكو السعودية يمكن أن تقدم الكثير للعراق ومشروع غاز أرطاوي. وإن أي مشاركة من قبل أرامكو السعودية في المشاريع العراقية ستكون سياسية ومسيّسة بدرجة كبيرة؛ وفي بيئة يمكن أن يجري فيها العراق انتخابات جديدة خلال أقل من عام، قد يكون من الصعب دفع عجلة هذا التعاون إلى الأمام”.
المصدر: