حوار مع دالغا خاتين أوغلو، خبير في مجال الطاقة في مجلة ناتشورال غس وورلد التخصصية في لندن.
اتخذت العلاقات التركية-الروسية في مجال الطاقة والنفط والغاز إبان السنوات الماضية أبعاداً جديدة، وسيتناول الحوار الآتي دراسة طبيعة العلاقات الهيدروكربونية بين تركيا وروسيا وآفاقها.
المعهد الدولي لدراسات السلام: كيف نطاق العلاقات الهيدروكربونية القائمة بين تركيا وحجمه وطبيعته؟
يرتبط جزء من العلاقة الهيدروكربونية بين البلدين بواردات النفط والغاز التركية من روسيا. فخلال العام الماضي اشترت تركيا من روسيا 29 مليار متر مكعب من الغاز و8 أطنان من النفط ومشتقات نفطية. مؤخراً أُنجز القسم البحري من خط أنابيب نقل الغاز “السيل التركي”، وبدءاً من العام المقبل ستنتفي الحاجة إلى ضخ الغاز الروسي عبر مسار طويل من أوكرانيا مروراً برومانيا وبلغاريا، وسوف يُضخ الغاز الروسي مباشرة إلى تركيا من طريق خطي أنابيب “السيل الأزرق”، و”السيل التركي”.
إن خط أنابيب السيل التركي عبارة عن خطين متوازيين، أحدهما يمتلك طاقة تمريرية تبلغ 15.75 مليار متر مكعب في العام من صادرات الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا. تبلغ الطاقة التمريرية لهذين الخطين المتوازيين أكثر من 31 مليار متر مكعب.
ومؤخراً أبرمت شركة رينيسانس التركية بالتعاون مع شريكتها الإيطالية “سايبم” عقداً بقيمة 2.5 مليار دولار لتطوير معمل للغاز الطبيعي المسال (إل إن جي) “المنطقة القطبية الشمالية 2 Arctic 2 LNG مع شركة Novatek الروسية.
تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية لهذا المعمل أكثر من 19 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال؛ وهذا يعني أن الشركات التركية دخلت إلى قطاع الطاقة الروسي أيضاً. تعد روسيا أكبر مصدر للغاز الطبيعي لتركيا (تأتي إيران في المرتبة الثانية)، وثاني مصدر للنفط والمشتقات النفطية لتركيا (تأتي إيران في المرتبة الأولى).
المعهد الدولي لدراسات السلام: ما تطلُّع اللاعبين إلى المصادر الهيدروكربونية في البحر الأسود؟
مؤخراً أرسلت تركيا سفينة تنقيب إلى شرق البحر المتوسط، حيث حفرت عدداً من الآبار في نقاط مختلفة في البحر، وتدرس احتمال وجود النفط والغاز في عدة قطاعات.
خلال الشهر الحالي ستصل إلى تركيا سفينة تنقيب أخرى، وسوف تبدأ عمليات التنقيب في البحر المتوسط والبحر الأسود أيضاً، وستعمل على دراسة هذه المناطق وتقييمها، يحظى البحر الأسود فعلياً باهتمام البلدين كونه يشكل مساراً بحرياً لنقل الغاز عبر الأنابيب، لكن تركيا تسعى من خلال اكتشافاتها الغازية إلى تقليص اعتمادها على واردات النفط والغاز.
تعتمد تركيا على المصادر الداخلية للفحم الحجري والطاقات المتجددة، لكن تنفق سنوياً 50 مليار دولار لتمويل وارداتها من النفط والغاز.
نجحت بلغاريا فعلياً باكتشاف مصادر غاز مهمة في الجزء الغربي من البحر، ومن المزمع أن تعمل سريعاً على تطوير ميداني “آنا” و”دونيا” البحريين؛ وبإمكان هذين الميدانين تأمين 10% من احتياجات رومانيا من الغاز.
المعهد الدولي لدراسات السلام: ما أهم مجالات الخلاف والاتفاق بين تركيا وروسيا بما يتعلق بالغاز والنفط؟
بما يتعلق بروسيا، تعد تركيا مساراً بديلاً لقسم من صادرات الغاز الروسية إلى أوروبا، تحديداً منطقة البلقان؛ وبالتالي تتحوّل تركيا إلى دولة لعبور (ترانزيت) الغاز.
لا ينبغي أن ننسى أن مراحل إنجاز خط أنابيب “الكوريدور الجنوبي” لنقل 10 مليارات متر مكعب من غاز أذربيجان إلى أوروبا توشك على الانتهاء، وفي المستقبل القريب ستبلغ الطاقة التمريرية لخط الأنابيب هذا ضعفي الطاقة الحالية. وسوف تحصل تركيا من المسارين على حق الترانزيت، وليس هناك خلاف يذكر بين تركيا وروسيا في مجال النفط والغاز، بل إن أكثر خلافات تركيا بما يتعلق بهذين المجالين قائمة مع جيرانها في منطقة البحر المتوسط مثل قبرص واليونان.
المعهد الدولي لدراسات السلام: ما تبعات تعاظم التعاون بين البلدين في المجال الهيدروكربوني في أبعاده المختلفة؟
إذا أخذنا مسألة نقل الغاز بالحسبان، فخط أنابيب “السيل التركي” سيغير دور خطوط الأنابيب في منطقة البلقان، وهذا الأمر يهدد مصالح أوكرانيا بقوة. إجمالاً طرحت أوروبا قبل عقد من الزمن مسألة أمن الطاقة ولاسيما في مجال الغاز من طريق ربط كل الدول الأوروبية مع بعضها، تحديد “حزمة الطاقة الثالثة” لمواجهة الاحتكار، إنشاء محطات للغاز المسال (إل إن جي) في دول مختلفة ولاسيما في منطقة البلقان والدول القريبة من روسيا، كذلك تنويع مصادر الطاقة، حيث حققت أوروبا في هذا السياق تقدماً ملحوظاً ولاسيما في دول المنطقة.
تعدُّ إيران أيضاً مورد ومصدر للغاز إلى تركيا، لكن روسيا ليست منافساً لإيران؛ لأن غاز إيران يصل إلى المناطق الشرقية في تركيا، بينما تؤمّن روسيا وأذربيجان الغاز للمنطقة المركزية والغربية من تركيا.
المعهد الدولي لدراسات السلام: ما مستقبل علاقات البلدين في مجال النفط والغاز؟
برأيي هناك مستقبل واعد، سوف تبادر تركيا بسرعة إلى تطوير مصادر تأمين الطاقة الخاصة بها؛ وبالتالي بدلاً من الاعتماد على روسيا والتبيعة لها ستتحول أنقرة إلى شريك لموسكو؛ وعليه هناك آفاق واضحة أمام البلدين في مسألة التعاون في مجال الطاقة. وتعمل روسيا الآن على بناء محطة نووية لتركيا، وإن تسليط الضوء على هذه المسألة لا يخلو من فائدة. وفي المحصلة البلدان يكملان بعضهما.
المصدر:
المعهد الدولي لدراسات السلام
IPSC – https://b2n.ir/471038