أُعيد الحديث عن الانتخابات المبكرة مجدداً، بعد دعوة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى ضرورة تحديد موعد لها، وسبق أن أدرج الكاظمي ضمن أولوياته في المنهاج الوزاري المقتضب مسألة إقامة انتخابات مبكرة، بوصفها مطلباً مهماً من مطالب حركة الاحتجاجات التي اندلعت في تشرين من عام 2019. إذ جاء في بند (الأولويات) في الفقرة الأولى ما نصّه: “إجراء انتخابات مبكّرة بعد استكمال القانون الانتخابي، وتفعيل مفوضية الانتخابات، وتطبيق كامل لقانون الأحزاب، لضمان حماية العملية الانتخابية ونزاهتها، وبالتعاون مع الأمم المتحدة”.
والانتخابات المبكرة قضية مألوفة في الأنظمة الديمقراطية، وتُنضم لأسباب متعددة: كالأزمات السياسية التي تعصف بالبلدان، أو وصول العملية السياسية إلى مرحلة الشلل السياسي، أو لغرض امتصاص الغضب الشعبي وإعادة الهدوء للشارع بسبب النقمة على السلطتين التشريعية والتنفيذية، أو قد تُجرى الانتخابات المبكرة نتيجة لعدم وصول القوى السياسية إلى التوافقات لتشكيل حكومة جديدة. وخذ على سبيل المثال ما حدث في (إسرائيل) حيث نُظّمت ثلاثة انتخابات برلمانية خلال عام واحد فقط، قبل أن يتم التوافق على حكومة جديدة. كذلك حصل الأمر في تركيا، فقد أُجريت انتخابات مبكرة عام 2018 بعد أن كان مقرراً إقامتها عام 2019، بعد الدعوة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إجراء انتخابات مبكرة بشقيها البرلماني والرئاسي.
تتناول هذه الورقة أبرز التحديات التي تواجه إقامة الانتخابات المبكرة؛ لأن الأخيرة لا بد أن تؤسس على وفق شروط ومعايير محددة، وإلا ستكون ممارسة شكليّة ولا تحقق الأهداف المرجوّة منها. كما ستتناول ما نراه من مسارات يُمكن أن تؤول إليها مسألة الانتخابات.