لقد تطوّر العمل الدبلوماسي في السنوات الماضية، ولاسيما بعد التطور الحاصل في علوم التكنولوجيا، وثورة الاتصالات، والمعلومات، ووصلنا إلى ما يُعرف بالدبلوماسية الرقمية التي سمّاها بعضهم بالثورة في عالم العلاقات الدولية، إذ سخرت التكنولوجيا والاتصالات الحديثة في هذا المجال، فأصبحت عملية التواصل مع عامة الناس من المهام الرئيسة للدبلوماسية من الذين باتوا يحرصون على عدم تفويت أي فرصة للتواصل فيما بينهم، إذ أحدثت التكنولوجيا نقلة نوعية كبيرة في العمل الدبلوماسي، وصار هذا الموضوع من القضايا التي تحظى باهتمام الباحثين، فأجريت بعض الدراسات لنيل درجات علمية في هذا المجال، ولم يقتصر الموضوع على العمل الدبلوماسي وسرعة الإنجاز في العصر الرقمي، بل أيضاً في تدريب الموظفين على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات وتسخيرها لخدمة الدبلوماسية.
وينظر للدبلوماسية المعاصرة بأنها تعيش اليوم مرحلة الانتقال من الدبلوماسية التقليدية المتعارف عليها بوسائلها وأدواتها المعروفة إلى دبلوماسية رقمية لها أدوات جديدة تختلف عن أدوات الدبلوماسية التقليدية، ويرى سفير بريطانيا في لبنان توم فليتشر إلى ذلك بقوله: “إن الاعلام الاجتماعي أصبح أمراً لا غنى عنه في العمل الدبلوماسي الحديث، وإنه لا يمكن إهمال مواطني الإنترنت الذين أصبحوا جزءاً من المناقشات الخاصة بالسياسة الخارجية”. ويقول فليتشر الذي أُطلق عليه دبلوماسي تويتر (Twitter Diplomat)؛ لما له من دور مهم في تطوير الاستخدام الدبلوماسية في وسائل التواصل الاجتماعي-: “إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أصبح مهماً في العمل الدبلوماسي إذ إنها تساعد في عمليات جمع المعلومات والتحليل والتأثير على الازمات”. ويرى ريتشارد ليتل بكتابه توزان القوى في العلاقات الدولية، أنه لا يمكن النجاح في تلميع صورة الدولة والمسك بزمام الرأي العام الدولي والتأثير فيه والمساهمة في صنعه وتشكيله دون امتلاك اجهزة إعلامية وتواصلية قوية تساعد ليس فقط في نشر الأفكار وتسويق القيم وخلق الجاذبية الثقافية، وإنما أيضاً في تأطير التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي يشهدها العالم وتوجيها على وفق مصلحتها، وانطلاقاً من منظومة قوتها؛ كون المصلحة والقوة هما العاملين الأساسيين المؤثرين في العلاقات الدولية.