مينا الدروبي: حصلت على شهادة الماجستير في السياسة الدولية من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، وانضمت إلى The National بعد ست سنوات من العمل في المنافذ الإخبارية في لندن من 2011 إلى 2016.
تهدف المحادثات إلى طرح جوانب العلاقات كافة بين بغداد وواشنطن
يقول الخبراء إن الحوار العراقي الأمريكي الاستراتيجي يوفر فرصة وحيدة لا تتكرر من شأنها أن تقدم بداية جديدة لكلا الجانبين لمناقشة علاقاتهما المستقبلية.
وتأتي المحادثات التي بدأت فعلياً يوم الخميس 11 حزيران 2020 في الوقت الذي كانت فيها العلاقات الأمريكية العراقية مضطربة بسبب هجمات الفصائل المسلحة المدعومة من إيران على القوات الأمريكية المتمركزة في العراق. فضلاً عن الهجمات المضادة الأمريكية داخل الأراضي العراقية التي أودت بحياة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم السليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
صرّح مسؤول عراقي بارز لـ “ذا ناشيونال” قائلاً: إن “المحادثات ستحدد تحول العلاقات من الجيش إلى التعاون التجاري والاقتصادي بين الدولتين، في أعقاب سلسلة من الهجمات على القوات الأمريكية المتمركزة في البلاد”.
في عام 2011، سحبت واشنطن قواتها من العراق، بعد ثماني أعوام من قيادتها الغزو الذي أطاح بالدكتاتور صدام حسين وأحدث صراعاً طائفياً مريراً. أعادت واشنطن نشر الآلاف من الجنود الأمريكيين إلى البلاد عام 2014 كجزء من التحالف الذي حارب تنظيم داعش الإرهابي. إلا أن العديد من أعضاء البرلمان العراقي اعترضوا على وجودهم في البلاد بعد مقتل سليماني على الأراضي العراقية. وفي منتصف كانون الثاني عام 2020 صوت البرلمان على طرد جميع الجنود الأجانب من الأراضي العراقية ولكن لم يتم التصديق على القرار وتمريره.
سيحدد الحوار الوجود العسكري المستقبلي للولايات المتحدة في العراق والطبيعة السياسية لعلاقاتهما. وقال سجاد جياد، المحلل السياسي المقيم في بغداد، لــ “ذا ناشيونال”: حتى سنوات قليلة مضت لم تكن هناك استراتيجية واضحة حول الشكل الذي يجب أن تبدو عليه العلاقة الأمريكية-العراقية. وأضاف جياد: “في البداية كانت العلاقة بين البلدين لمساعدة العراق على مواجهة تنظيم داعش، ومع ذلك لم يكن واضحاً جداَ ما الذي تنوي الولايات المتحدة القيام به، بما في ذلك مقدار الجهد الذي خططت لبذله في العلاقة وماذا تريد من العراق”.
ويهدف الحوار إلى دراسة جميع جوانب العلاقات الأمريكية العراقية، وسيشهد سلسلة من الاجتماعات بين مسؤولين رفيعي المستوى ودبلوماسيين من كلا الجانبين. وقال جياد “للمرة الأولى سيتبادل الطرفان بنحو صريح ما يريده كل جانب من الدولة الأخرى ما يرغب في القيام به لتحقيقه”. إن علاقتهما الحالية، ووجود الولايات المتحدة في العراق، تستند إلى اتفاقية إطار عمل استراتيجي وقعت في عام 2008. ودعت إلى تعاون دفاعي وثيق لردع التهديدات “للسيادة والأمن والسلامة الإقليمية” للعراق.
قال ريناد منصور، كبير الباحثين وخبير شؤون العراق في تشاثام هاوس -المعهد الملكي للشؤون الدولية- إن واشنطن هي التي أشارت إلى إجراء الحوار بعد المشكلات التي واجهتها مع حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي في 2018. لقد صرحت الولايات المتحدة بأن مكتب رئيس الوزراء يجب أن يُحاسِب على الهجمات على قواتهم. وقال منصور لصحيفة ذا ناشيونال: إن كبار المسؤولين في واشنطن لم يلوموا أعداءهم مثل كتائب حزب الله على الهجمات، بل مكتب رئيس الوزراء؛ لتقصيره في محاسبة المتسببين. وأضاف منصور: “مع تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي “الجديدة” هناك تغيير في هذا الجو، إذ لم تعد أصابع الاتهام موجهة نحو مكتب رئيس الوزراء الآن”. وقال منصور: “ستكون المحادثات بمنزلة تجديد للمعلومات بشأن العلاقات الأمريكية-العراقية، ولن تتحدث فقط عن السياسة، والديناميكية بين الولايات المتحدة وإيران، بل عن التجارة والاقتصاد”.
وقال جياد إن السيد الكاظمي يتمتع بعلاقات جيدة مع واشنطن ويبدو أنه يريد أن يؤخذ هذا الحوار على محمل الجد، ويريد كسب أكبر قدر ممكن من العلاقة. وأضاف: “قد يعني هذا الحديث عن مستقبل القوات الأمريكية وأعمالها في العراق والولايات المتحدة، وقد تجري مناقشة قوية مباشرة حول حماية قواتها ومناقشة القضية الإيرانية”. ووصف السيد جياد هذه الخطوة بأنها خطوة “سليمة”.
إن العراق هو المفتاح للاستراتيجية الأمريكية لاحتواء توسع النظام الإيراني الحالي.
وأشار تقرير صادر عن معهد واشنطن نشر شهر أيار الماضي: “لا توجد دولة في منطقة الخليج أكثر أهمية للولايات المتحدة حالياً في محاولة التحقق من تصميمات المرشد الأعلى في إيران، والثوار المتشددين، والحرس الثوري الإيراني”.
تواجه الحكومة العراقية الجديدة قائمة كبيرة من التحديات الاقتصادية والأمنية والإصلاح السياسي في الوقت الذي أدى فيه انخفاض أسعار النفط إلى انخفاض كبير في عائدات الدولة ونظام الرعاية الصحية غير المجهز بنحوٍ جيد لوباء كورونا المتفشي. ويشير التقرير: “إذا استطاعت الولايات المتحدة مساعدة زعماء العراق على بناء عراق مستقر وقوي، فسيكون ذلك إضافة حاسمة لردع الطموحات الإيرانية والضغط العسكري الإيراني على منطقة الخليج”.
لقد سقط صاروخ داخل مطار بغداد بالقرب من المكان الذي تتمركز فيه القوات الأمريكية في أحدث هجوم على القوات الأمريكية في البلاد.
وكان إطلاق الصواريخ ليل الإثنين 8-6-2020 هو الهجوم التاسع والعشرون على القوات الأمريكية أو الدبلوماسيين الأمريكيين منذ تشرين الأول 2019. ولم تعلن أي جهة عن مسؤوليتها على هذه الهجمات، إلا أن واشنطن تتهم جماعات مسلحة مدعومة من إيران. وعلى الرغم من الهجمات على الجنود الأمريكيين، قال وزير الخارجية العراقي المصوت عليه حديثاً فؤاد حسين: إن المحادثات ستكون “محطة مهمة ستحدد الأولويات في بغداد وواشنطن”.
وقال جياد إن المفاوضات قد تستغرق شهوراً على الأرجح، إذا استمرت حتى بعد الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني، فيمكن اتخاذ اتجاه جديد إذا انتخب رئيس مغاير. وأضاف “هناك إمكانية لتقديم فصل جديد لكننا لسنا متأكدين من مدى كفاءة كلا الجانبين”.
المصدر: