الكاتب: وصال روحاني
تصاعد حدة الخلاف بين الإمارات وتركيا بشأن دعم “الجنرال المتمرد” و”الحكومة الشرعية“
لقد تصاعد الخلاف بين تركيا والإمارات العربية المتحدة بشأن القضايا القائمة في ليبيا، واتهمت الإمارات تركيا بالتدخل في الشؤون الداخلية الليبية وتجاهل تعليمات منظمة الأمم المتحدة بشأن هذه الدولة المضطربة في شمال أفريقيا، ولم يمض وقت طويل إذ ردت حكومة أنقرة بحدة على الجانب الإماراتي، وأكدت أن الإمارات تتبع أساليب مدمرة في ليبيا، وتتبنى رؤية معادية تجاه أنقرة.
من السهل تتبّع جذور الخلاف بين البلدين، إذ أيدت الإمارات العربية المتحدة إجراءات الجنرال خليفة حفتر المناهضة للحكومة الليبية، لكن تركيا تتفق مع الحكومة الليبية الحالية المعترف بها دولياً والتي تقاتل حفتر منذ شهور، وتعمل على منع قواته المسلحة من الاستيلاء على طرابلس. ودعت تركيا علناً العالم إلى الامتناع عن تقديم المساعدة لقوات حفتر، والتي تعدها حكومة أنقرة مجموعة من المرتزقة الدوليين، ولكن الإمارات، التي غالباً ما تكون متحالفة مع السعودية، اتهمت الجيش الليبي بتنفيذ عمليات “الإرهاب والترهيب”، وهي تعتقد أن هذا الجيش لا يُفرق بين الغرباء والأقرباء وإذا اقتضت مصالحه، فسوف يدمر ويقتل أياً كان. وعلى وفق قناة الجزيرة، فقد أصبح الوضع في ليبيا في الأيام الأخيرة حرجاً مرة أخرى. وكان الجنرال حفتر ادعى في منتصف الأسبوع الماضي، أن قواته المسلحة اتخذت اصطفاف قتالي حديث على بعد خطوة واحدة من طرابلس، وإنهم هذه المرة -على عكس المرات السابقة- سوف يستولون على مدينة طرابلس. إذا حدث ذلك، فسيتم إلغاء اتفاقية السلام الموقع عليها عام 2015 من قبل العديد من أطراف الصراع في ليبيا التي تمت المصادقة عليها أيضاً من قبل الأمم المتحدة، وستجتاح موجة جديدة من الاضطرابات الدولة الليبية الممزقة.
وعلى وفق ما كتبه “علي دميرطاش” على موقع “ریسبانسیبل استیت کرفت”، فإن حكومة أنقرة، التي لم تتغاضَ حتى عن العواقب المريرة للانتشار واسع النطاق لفايروس كورونا في جميع أنحاء العالم من أجل تحقيق أهدافها، تدعي أن الإمارات لا تريد أن ترى الحكومة الشرعية في ليبيا؛ وبالتالي تسعى لتقوية الجنرال حفتر. تدعي تركيا أن مصلحة دولة الإمارات هي استمرار عدم الاستقرار في ليبيا، بحيث إن هذا الوضع يمنح الإمارات وحليفتها السعودية الفرصة للتدخل في الشؤون الليبية، وخاصة الثروة الوطنية لهذه الدولة الأفريقية، التي تمتلك احتياطيات نفطية كبيرة. إن الجنرال حفتر الذي يطلق على قواته عنوان الجيش الوطني الليبي، دفع الحكومة الشرعية في طرابلس إلى حافة الانهيار مراراً خلال السنة والنصف الماضية. ويأتي هذا في حال أن العديد من الحكومات، تتحرك يميناً ويساراً، وتدعمه بنحو صريح وسري. ووصف حفتر نفسه في خطابه الأخير بأنه “رمز لمحاربة إرهاب الدولة”، لكن الرجال والنساء متوسطي الأعمار والشيوخ في ليبيا لم ينسوا أن معمر القذافي وصف حفتر بأنه مثير للمشكلات في أواخر الثمانينيات وقام بنفيه، وظل حفتر مختفياً عن الأنظار حتى عام 2011، عندما أُطيح بالقذافي ليعود إلى ليبيا، ويعده الكثيرون بأنه شخصية غامضة. لقد أصبح حفتر سياسياً أكثر ذكاءً خلال هذه المدة، لكنه اضطر لحضور محادثات السلام الليبية في موسكو تحت ضغوط من الروس، حيث وقع اتفاق وقف إطلاق النار هناك، ولكنه بعد أيام قليلة من عودته إلى طرابلس، استأنف العمليات العسكرية ضد الحكومة الليبية. وفي هذه الأثناء، لقد أدى دعم حكومة الإمارات الثابت لحفتر أقوى وأكثر جرأة وجعل أنياب جشعة أكثر حدة.
تود الإمارات أن ينشئ حفتر حكومة عسكرية وأمنية في طرابلس على وفق أنموذج السيسي في مصر، وإذا حدث ذلك، فسيتعيّن عليه إعادة دينه بأشكال مختلفة إلى أنصاره، ولاسيما لحكومة الإمارات العربية المتحدة التي ادعت مراراً في إعلاناتها أو في جمعيات مثل الأمم المتحدة أن أي تدخل تقوم به في الشؤون الليبية هو لأغراض إنسانية، وهي لا تريد أن ترى الشعب الليبي يعاني، وأن هذه المعاناة لن تنتهي إلا عندما تستقيل الحكومة الحالية، ويتولى حفتر شؤون طرابلس. لكن محللين في وكالة أنباء الأناضول يعتقدون أن مشكلة حكومة طرابلس هي أن دولاً مثل: روسيا، وفرنسا، ومصر دعمت حفتر وإجراءاته في ليبيا وأن أياديهم الخفية تتدخل في أحداث هذا البلد.
ومكن حفتر من خلال هذا الدعم بالاستيلاء على شرق ليبيا، وشرع من هناك بتنظيم ودعم عملياته العسكرية في طرابلس والعديد من النقاط الحساسة الأخرى في ليبيا. وينبغي بأن لا ننسى أن الحركة المسماة بـ”الربيع العربي” التي لوحظت في دول الخليج العربية سابقاً، والتي تحقق أنموذجها الأكثر فعالية في شمال أفريقيا، توالت أحداثها لصالح حفتر ومكنته من تقديم نفسه على أنه جزء من القوى التي تحاول الإطاحة بالحكومات العميلة للدول الأجنبية في أفريقيا، وتمكن القوى الشعبية من تولي زمام الأمور في هذه البلدان، ولكن وجود قوات متعددة الجنسيات بين أتباع حفتر ينفي مزاعمه بالانتماء إلى الجماعات المدافعة عن الحرية والحركات الوطنية. ومما لا شك فيه هو أن القوات الجوية الإماراتية قد ساعدت كثيراً في النشر الصحيح لقوات حفتر المسلحة في النقاط الاستراتيجية الليبية والاصطفاف أمام الجيش الليبي في حال حدوث مواجهة ثنائية، حيث تظهر ذروة هذه المساندة في هجمات حفتر المتكررة على طرابلس، ومن الواضح أنها تمت اعتماداً على معلومات دقيقة قدمها خبراء إماراتيون. وأفادت الصحف السودانية بأن حكومة الإمارات جندت كوماندوس سودانيين ووضعتهم تحت إمرة الجنرال حفتر، ليتمكن من استخدام سلاح أقوى ضد أسلحة الجيش الليبي الأكثر تقدماً. وقد اتهمت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط حكومة الإمارات العربية المتحدة بسرقة جزء من النفط الليبي وبيعه للمشترين الدوليين؛ كي تتمكن بهذه الطريقة من تخفيض إيرادات الحكومة الليبية وتزيد من اعتمادها على المساعدات الأجنبية التي بالتأكيد يكون لها مستوى محدد. ويأتي هذا في حال أنه كانت هناك تقارير متعددة في وقت سابق، تتحدث عن إرسال مقاتلين كانوا متواجدين في سوريا إلى ليبيا، وأن ذلك تم من قبل تركيا. إنها لعبة خطيرة مليئة بالاتهامات المتبادلة بين تركيا والإمارات، وهي انطلقت من أجل التدخل في الشؤون الداخلية الليبية، ومن غير المرجح أن يكون هناك منتصر واضح وسريع.
المصدر:
موقع إيران http://www.ion.ir/news/565636