د. ايلاف راجح
قبل الحديث عن نظام الشفافية في الولايات المتحدة والتشريعات المعنية بهذا النظام، تجدر الحاجة للإشارة إلى مفهوم الشفافية الذي يعنى باختصار مدى المكاشفة التي تبديها الأجهزة الرسمية تجاه الشعب واطلاعهم على تفاصيل عملية صنع القرار في الإدارة الحكومية ولاسيما في الجانب المالي.
ومن هذا المنطلق فإن النظم المعنية بضمان الشفافية تعنى بعمليتين رئيسة (المراقبة والمحاسبة على الأداء الحكومي من جهة، والمكاشفة مع الجماهير في جهة أخرى)؛ بهدف ضمان منع أو ممارسات إساءة استعمال السلطة ومكافحة الفساد، وتبرز أهمية الشفافية في القوانين والأنظمة والإجراءات من حيث إن الشفافية في القوانين والأنظمة تساعد على إزالة العوائق البيروقراطية والروتينية كالتواقيع والتصديقات الكثيرة غير الضرورية، وتساعد على تيسير الإجراءات، والتوسع في اللامركزية مع وضوح خطوط السلطة، وبساطة الهيكل التنظيمي للمؤسسات، وسهولة إيصال المعلومات من القمة للقاعدة والتغذية العكسية.
ومن النتائج المرجوة للشفافية تنمية الثقة العامة (المصداقية) لفئات المجتمع كافة والحفاظ عليها، فضلاً عن تعزيز الثقافة السياسية للفرد، وثقته بنفسه، ومعرفته بحقوقه والهامش المتاح له للمشاركة في عملية صنع القرار؛ مما يزيد من رغبته بالمشاركة بالعملية السياسية، وبالضرورة يعزز من الممارسة الديمقراطية العامة. وتؤدي الشفافية إلى تحقيق عدة أهداف منها وضع سياسات واضحة للتوظيف، وتسهيل إنجاز السياسات الاقتصادية الكلية وزيادة الإنتاجية من الإنفاق العام.
ويبقى سؤال المهم من هي الجهة أو السلطة المسؤولة عن تنفيذ فاعلية نظام الشفافية وضمانه؟ وللإجابة عن هذا السؤال سيناقش المقال التجربة الأمريكية المعاصرة.