خافيير بلاس، كبير مراسلي الطاقة في وكالة بلومبيرغ.
أنتوني ديبولا، مراسل في وكالة بلومبيرغ.
تخطط المملكة العربية السعودية لزيادة إنتاجها من النفط الشهر المقبل، إذ تتطلع إلى إنتاج أكثر من 10 ملايين برميل يومياً، وتأتي هذه الخطوة كاستجابة لإنهيار تحالف أوبك + روسيا. وبدأت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم حرب الأسعار يوم السبت عبر تخفيض أسعار النفط الخام للأسواق الخارجية؛ مما سيوفر خصومات غير مسبوقة للمشترين في آسيا، وأوروبا، والولايات المتحدة لإغراء مصافي التكرير على شراء الخام السعودي على حساب الموردين الآخرين.
وفي الوقت نفسه، أخبرت المملكة العربية السعودية بعض المشاركين في السوق من القطاع الخاص أنها قد ترفع الإنتاج أكثر من ذلك إذا لزم الأمر، وصولاً إلى مستوى قياسي يبلغ 12 مليون برميل يومياً على وفق أشخاص مطلعين على المحادثات طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم؛ لحماية علاقاتهم التجارية. ومع اضطراب الطلب على النفط؛ بسبب تفشي فيروس كورونا، ستؤدي زيادة الإنتاج هذه إلى أن تتجه سوق النفط إلى الفوضى.
منخفض جداً
سعر النفط للبرميل لبلد لديه ميزانية متوازنة
وقالت العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط في شركة FGE الاستشارية للنفط إيمان ناصري: “تخوض المملكة العربية السعودية الآن حرب أسعار شاملة”.
جاءت حركة التسعير غير المسبوقة من قبل أرامكو بعد ساعات فقط من انتهاء المحادثات بين منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها التي باءت بفشل كبير. أدى انهيار هذا الحلف إلى انهاء التعاون بين المملكة العربية السعودية وروسيا. ومن المعلوم أن حدود الإنتاج التي وافقت عليها منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وشركاؤها السابقون ستنتهي في نهاية هذا الشهر؛ مما سيفتح الطريق أمام المنتجين لزيادة الإنتاج.
وتراجعت أسهم الشركة بنسبة 9٪ في الرياض يوم الأحد، وهي المرة الأولى التي ينخفض فيها السهم عن سعر الطرح الأولي. تم تداول أرامكو بسعر 29.95 ريال ابتداءً من الساعة 1:57 مساءً، مما يعطيها القيمة السوقية البالغة 6 تريليونات ريال (1.6 تريليون دولار)، وباعت الحكومة السعودية 1.5٪ من أسهم شركة الطاقة العملاقة بسعر 32 ريال للسهم في كانون الاول الماضي. لقد أغلق المؤشر العالمي للنفط خام برنت منخفضاً بنسبة 9.4٪ يوم الجمعة، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، واستقر عند سعر 45.27 دولار للبرميل.
ومن المرجح أن يرتفع الإنتاج السعودي من 9.7 مليون برميل يومياً هذا الشهر، إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً في شهر نيسان. ومن المعلوم أن حدود الإنتاج التي وافقت عليها منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وشركاؤها السابقون ستنتهي في نهاية هذا الشهر؛ مما سيفتح الطريق أمام المنتجين لزيادة الإنتاج.
الضرر الأكبر
يمكن أن تصبح الاستراتيجية السعودية المفاجئة محاولة لفرض أقصى قدر من الضرر بأسرع ما يمكن على روسيا وغيرها من المنتجين في محاولة لإعادتهم إلى طاولة المفاوضات، ثم البدء بخفض الإنتاج بسرعة إذا تم التوصل إلى اتفاق ما، في إشارة إلى أن الجانبين يواصلان المحادثات، وتعتزم اللجنة الفنية المشتركة (لأوبك +)، وهي هيئة من كبار مسؤولي النفط الذين يقدمون المشورة للوزراء، الاجتماع في 18 آذار لمراجعة سوق النفط العالمي، والمسؤولون السعوديون والروس جزء من هذه اللجنة.
وقال كبير الاقتصاديين في بنك الإمارات الوطني ش.م.ع في دبي تيم فوكس يوم الأحد في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: “إنه بالتأكيد نهج ينطوي على مخاطر عالية، لم تجتمع اللجنة يوم الجمعة وأعتقد أن ثقة السوق خلال الأسبوعين المقبلين ستكون منخفضة للغاية”.
وتمثل زيادة الإنتاج والخصومات الكبيرة تصعيداً كبيراً لوزير النفط السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، بعد أن رفض نظيره الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة في اجتماع (أوبك +) في فيينا الموافقة على مقترح الخفض الجماعي للإنتاج؛ وبعد انهيار المحادثات، صرح نوفاك بأن الدول حرة في ضخ الكميات التي تريدها بعد نهاية شهر آذار.
سجل الخصومات
مع انخفاض استهلاك الوقود النفاث، والبنزين، والديزل بسرعة؛ بسبب التأثير الاقتصادي لتفشي فيروس كورونا، تواجه سوق الطاقة الآن صدمة متزامنة في العرض والطلب. وفي الشهر الماضي، لم تلتزم المملكة العربية السعودية بتخفيض الإنتاج كما تم الاتفاق عليه في (أوبك +) فحسب؛ بل قامت “طوعاً” بتقييد إنتاجها بنحو أكبر في محاولة لرفع الأسعار. وعندما تنتهي صفقة (أوبك+) خلال ثلاثة أسابيع، ستتمكن الرياض من ضخ النفط بالكمية التي تريدها.
بعد الفشل في فيينا، استجابت الرياض في غضون ساعات من خلال تخفيض ما يسمى بأسعار البيع الرسمية، إذ قدمت خصومات قياسية على الخام الذي تبيعه في جميع أنحاء العالم. وتخبر أرامكو شركات التكرير كل شهر بالسعر الذي تبيع به الخام، وغالباً ما يضبط السعر الرسمي للبيع من خلال تغيير بضعة سنتات أو دولارات.
لكن في إشعار أُرسل للمشترين يوم السبت، أعلنت أرامكو أنها خفضت معظم الأسعار الرسمية بما يتراوح بين 6 و8 دولارات للبرميل في جميع المناطق؛ وسيكون لهذه الخطوة صدى خارج المملكة العربية السعودية، إذ سيؤثر قرار التسعير في المملكة على حوالي 14 مليون برميل من صادرات النفط يومياً، إذ يتابع المنتجون الآخرون في منطقة الخليج دورهم في تحديد أسعار شحناتهم.
وفي واحدة من أهم حركات التسعير، زادت أرامكو الخصم على الخام العربي الخفيف الذي يباع إلى مصافي التكرير في شمال غرب أوروبا بمقدار 8 دولارات للبرميل، وعرضته بسعر أقل بـ 10.25 دولار للبرميل من مؤشر برنت. في المقابل، يقل سعر الأورال -مزيج النفط الروسي الرائد- عن سعر البرنت بنحو دولارين. وقال التجار إن الخطوة السعودية كانت بمنزلة هجوم مباشر على قدرة الشركات الروسية على بيع الخام في أوروبا.
وقال المستثمر المشارك في تأسيس صندوق Merchant Commodity Fund دوغ كينج: “سيكون هذا سيئاً، إذ ستضخ (أوبك +) أكثر، والعالم يواجه صدمة في الطلب، ومن الممكن أن يصل سعر النفط إلى 30 دولاراً للبرميل”. ويعتقد البعض أن الاسعار قد تنخفض أكثر من ذلك.
يبحث تجار النفط عن الرسوم البيانية التأريخية للإشارة إلى أي مدى قد تنخفض الأسعار، وأحد الأهداف المحتملة هو 27.10 دولار للبرميل، الذي تم الوصول إليه في عام 2016 في أثناء حرب الأسعار الأخيرة، لكن البعض يعتقد أن الأسعار قد تنخفض أكثر من ذلك. وقال محلل النفط في شركة IHS Markit Ltd روجر ديوان وهو ومراقب مخضرم في أوبك: “من المحتمل أن تصل أسعار للنفط إلى أدنى مستوى لها خلال العشرين عاماً الماضية في الربع القادم”؛ مما يعني أن السعر قد ينهار إلى أقل من 20 دولاراً للبرميل. وتجدر الإشارة إلى أن المؤشر العالمي خام برنت انخفض إلى 9.55 دولار للبرميل في كانون الأول عام 1998، خلال واحدة من حروب الأسعار النادرة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية على مدار الأربعين عاماً الماضية.
المصدر: