هناك أحاديث متداولة تقول إن أمريكا خلال المدى البعيد -لنضوب احتياطي النفط الخام في مراكز إنتاجها- ستكون بحاجة إلى نفط منطقة الشرق الأوسط،إذ في المقابل تضاءل حجم استهلاكها الحالي وحاجتها إلى نفط الشرق الأوسط قياساً بالسنوات الماضية، بيد أن مسار استهلاك النفط الخام وإنتاجه يشير إلى أن حاجتها إلى النفط الخام في المستقبل ستشهد تصاعداً،فهل من المقرر أن تسيطر أمريكا على نفط الشرق الأوسط مجاناً؟
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن أمريكا ليست بحاجة لنفط الشرق الأوسط، وإنها بصدد الخروج من هذه المنطقة[1]. وبحسب بيانات شركة تسويق النفط العراقية (سومو) فإن 67%من صادرات الخام العراقي لعام 2019 ستتجه للأسواق الآسيوية، بينما توجه 20%من الصادرات إلى أسواق أوروبا، و13%للسوق الأمريكية[2].
تستورد الولايات المتحدة نوع النفط الخام الذي يضخ من العراق والمملكة العربية السعودية، وإن أي تعطيل لصادرات النفط في المنطقة من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار عند مضخات الغاز الأمريكية. بعبارة أخرى، يمكن القول: في الوقت الراهن تتمحور المشكلة الرئيسة في الشرق الأوسط على النفط، إذ تنفق الولايات المتحدة حوالي 81 مليار دولار سنوياً لحماية إمدادات النفط في جميع أنحاء العالم بحسب تقديرات شركة تأمين الطاقة المستقبلية الأمريكية[3].
وهناك مخاوف أخرى تؤرق بعض القوى الإقليمية مثل تركيا، وإسرائيل في إيجاد موطئ قدم لها في البحر المتوسط ومحطيه؛ لأنه كلما تعاظم تواجدها أكثر كانت علاقاتها مع الأسواق الأوروبية أفضل. وتعلم هذه الدول أن إيجاد موطئ قدم لها في الشرق الأوسط يمكن أن يفضي إلى تعاظم التواجد في أسواق النفط العالمية.
أهم العوامل المؤثرة في أسعار النفط
يرى خبراء الاقتصاد أن العوامل المؤثرة على أسعار النفط ترتبط بالعرض والطلب وطالما أن هذين العاملين موجودان في السوق فسيبقى معدل تضخم السوق ثابتاً، والتضخم الثابت لا يؤثر في أسعار النفط إلا إذا واجهت منطقة ما أزمةً في عرض النفط أو طُرحت تنبؤات خاطئة في ضوئها يصبح الطلب أكبر من العرض.
ويأتي أيضاً تأثير سياسات أوبك في التطورات الجيوسياسية في المنطقة، مع بعض أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم غير المستقرة سياسياً أو تتعارض سياساتها مع سياسات الغرب، مثل قضايا الإرهاب، أو الامتثال للقوانين الدولية؛ مثال على ذلك عقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة في الماضي التي تسببت في إمداد الأسواق النفطية الناجمة عن الأحداث السياسية بتحول أسعار النفط في منطقة الخليج، منها الثورة الإيرانية في نهاية الثمانينيات، والحرب الإيرانية العراقية، وحظر النفط، وحروب الخليج، وقد تسببت الأزمة المالية الآسيوية والأزمة الاقتصادية العالمية في 2008-2009 أيضاً في هذه التقلبات بأسعار النفط[4].
لا تواجه سوق النفط في الظروف الراهنة نقصاً في الطلب، باستثناء بعض التقلبات السياسية والعسكرية في منطقة الخليج، وفي حال استمرار هذه التقلبات على إمدادات النفط العالمية فسوف نرى تأثيرها السلبي جدياً؛ وهذا الأمر يندرج في سياق أزمة قصيرة الأمد فد لا تخلف تأثيرات على المدى الطويل على سوق العرض والطلب.
ويبدو أيضاً أن الولايات المتحدة تحتاج إلى النفط بقدر ما تحتاج إليه منطقة الشرق الأوسط بيد أنها تهدف إلى حماية منابعها، والمكاسب الكبيرة التي تجنيها من هذه التجارة التي تنخرط في إنتاجه وحمايته.
لذا يمكن القول إن النفط في الشرق الأوسط يحظى بأهمية بالغة من ناحية المكاسب الاقتصادية وتأثيراته على الاقتصاد، ويتعين بذل مساع لجعل الطرق البحرية في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج آمنة على الدوام.
أما العراق فإنه يعتمد كلياً على المصادر النفطية، فنسبة الاعتماد على النفط إلى ما يقارب 90%[5]، لكن في الوقت الراهن يتعيّن على الحكومة العراقية أن تبحث عن مصادر أخرى من قبيل الاستثمارات الخارجية والصادرات غير النفطية؛ حتى تتمكن في ضوء ذلك من إدارة برامجها التنموية وإتمامها.
المصادر:
[1]-Trump Is Wrong. The U.S. Does Need Middle East Oil. https://www.bloomberg.com/opinion/articles/2020-01-12/trump-is-wrong-the-u-s-does-need-middle-east-oil
[2]-. العراق يبرم عقودا لبيع كامل صادراته النفطية لعام 2019.. فمن المشتري؟https://arabic.cnn.com/business/article/2018/12/17/iraq-asia-europe-usa-economic-oil-exports
[3]-US spends $81 billion a year to protect global oil supplies, report estimates.https://www.cnbc.com/2018/09/21/us-spends-81-billion-a-year-to-protect-oil-supplies-report-estimates.html
[4]-Top Factors That Affect the Price of Oil.https://www.investopedia.com/articles/investing/072515/top-factors-reports-affect-price-oil.asp
[5]-UN Report Iraq – Country Profile. http://www.uniraq.org/index.php?option=com_k2&view=item&layout=item&id=941&Itemid=472&lang=en