مسعود رضائي
الملخص :
لا شكَّ أن تركيا -كونها الوريث الوحيد للإمبراطورية العثمانية المنهارة وعبر تفاعلاتها وتحرکاتها السياسية- كان لها حضور قوي، وأدت دوراً لافتاً للنظر خلال السنوات الأخيرة في منطقة غرب آسيا (المناطق التي انفصلت عن الإمبراطورية العثمانية)، ويمكن الإشارة إلى دورها المركزي في الحرب الداخلية السورية، وهو الأمر الذي أدى إلى نشوب حروب محلية مدمرة في البلاد، بالدعم الذي قدمته للفصائل المسلحة ولاسيما تلك التي لديها نزعات متطرفة. لقد كان هذا الدور مهم لدرجة أنه يمكن القول إن كانت حكومة أنقرة الحالية بقيادة حزب العدالة والتنمية وبرئاسة أردوغان لم تكن في السلطة في أثناء الأزمة السورية وبعدها، فمن المرجح أن الحرب الأهلية السورية ستكون أخذت منعطفاً آخر ولم تكن هناك خسائر بهذا الحجم، إذ إن الأمم المتحدة قدّرت هذه الخسائر بأكثر من 400 مليار دولار، وهناك حاجة إلى نصف قرن من الوقت لإحياء هذا البلد من جديد؛ بسبب الأضرار التي لحقت به. من المؤكد أن الحرب المفروضة على الحكومة السورية لها جذور من داخل منطقة غرب آسيا ومن خارج المنطقة أيضاً، فضلاً عن تركيا، فقد شاركت قوى إقليمية أخرى مثل السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والأردن في حدوث الأزمة واستمرارها، ولكن تركيا -بسبب حدودها الكبيرة مع سوريا وبالطبع، مع وجود الخطاب القائم على الميول العثمانية الجديدة- عملت بمنزلة المحفز الرئيس لجر سوريا إلى دوامة الأزمة؛ لأن الدول الأخرى في المنطقة -كما تدعي- تبنت سياسة دفاعية تجاه (التحركات الإيرانية في المنطقة)، وردّت على التدخل الإيراني المزعوم في المنطقة من خلال سلسلة من التدابير، بينما كانت تركيا تسعى من وراء هذه الأزمة إلى تحقيق أهدافها الطموحة ونشر نظامها الجديد في المنطقة وفي العالم الإسلامي.