بحثت الدراسة اتجاهات النازحين نحو التطرف كونهم يعدون أكثر الناس عرضة للمعاناة سواء أكان نتيجة الإرهاب، أو الصراع المذهبي، أو نتيجة الاضطهاد، والفوضى السياسية، ولاسيما بعد سقوط النظام العراقي عام (2003)؛ مما شكل ظاهرة تعدُّ من أخطر الظواهر الاجتماعية التي شهدتها المجتمعات الإنسانية خلال تأريخها الطويل، ولا تقل خطراً عن القتل والتشريد الذي يؤدي إلى اضطرار الأسر إلى ترك منازلها وممتلكاتها والانتقال إلى مناطق أخرى على الرغم عنها، بحثاً عن ملاذ آمن لحمايتهم من العمليات الإرهابية؛ وهكذا يمكن القول إن الأسر العائدة إلى مناطق سكناهم ذاقت الأمرين في أن واحد مرارة النزوح التي أجبرتهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم، ومرارة العودة إلى مناطقهم الأصلية التي نزحوا منها، فالأوضاع الاجتماعية التي يعيشونها من جراء ما تعرضت له مناطقهم من دمار وفقدان لممتلكاتهم أثرت سلباً على معظم الجوانب الشخصية للنازح؛ مما زعزعة ثقته بمعتقداته وقيمه، وهذا ما قد أدى إلى الإحباط والشعور بالضياع.
تكمن مشكلة الدراسة الحالية في مدى خطورة تطرف بعض الشباب النازحين والعائدين في أفكارهم وآرائهم واتجاهاتهم نحو التطرف غير العنيف، والتطرف العنيف.
تنطلق الدراسة الحالية من تساؤل رئيس معرفة اتجاهات الشباب النازحين والعائدين نحو (التطرف غير العنيف، والتطرف العنيف) في العراق؟ وهذا التساؤل يحمل في طياته أسئلة فرعية، ماذا نقصد بالتطرف غير العنيف، والتطرف العنيف، وهل يؤثر المرور بتجربة النزوح والاستمرار فيها على الاتجاه نحو التطرف بشكليه العنيف وغير العنيف أم إن للعودة من النزوح إلى مناطق الأصل تؤثر في توجيهات العائدين إزاء التطرّف العنيف وغير العنيف. وهل إن (العمر، والمستوى التعليمي، والوضع المعاشي) يؤثر في التوجه نحو التطرف بشكلية لدى النازحين والعائدين.
إن هذه الورقة البحثية تهدف إلى الكشف عن الأثر وبيان الفروق بين الشباب النازحين في مخيم العامرية والعائدون من النزوح في الفلوجة وطبيعة اتجاهاتهم نحو التطرف على وفق متغير (العمر، والمستوى التعليمي، والوضع المعاشي).