آدم توز
في 13 تشرين الأول عام 1806، تَواجَهَ الفيلسوف الألماني الشاب (جورج فيلهلم فريدريش هيغل) مع التأريخ، إذ كان نابليون وجيشه يسيران في جامعة ألمانيا الشرقية بمدينة (يينا) في طريقهم إلى إبادة القوات البروسية بعد 24 ساعة؛ ولم يستطع هيغل إخفاء خوفه من أن هذه الفوضى قد تضيع مخطوطة كتابه (ظاهرة الروح)، ولم يتمكن من مقاومة قوة الموقف، فكتب إلى صديقه (فريدريش نيهامر): “رأيت الإمبراطور خارج المدينة في جولة استطلاع، إنه لأمر رائع حقاً أن نرى مثل هذا الشخص، يمتطي الخيل، وتمتد قوته إلى جميع أنحاء العالم.”
بعد مئتي عام -وفي ظروف أكثر رقة- أثار المؤرخ (بيركلي دانييل سارجنت) -في أثناء خطابه أمام الجمعية التأريخية الأمريكية- مصطلح الروح العالمية، لكن هذه المرة تجاه شخص دونالد ترامب ومن على عربة الجولف؛ إذ يمكن مقارنة ترامب بنابليون -على وفق سارجنت-؛ لأن كليهما مدمران للنظام الدولي؛ ففي أعقاب الثورة الفرنسية، دمر نابليون ما تبقى من النظام الشرعي لأوروبا، ويبدو أن ترامب بدوره أنهى النظام العالمي الأمريكي، أو كما يفضل سارجنت تسميته (باكس أمريكانا) (حالة من السلام الدولي النسبي الذي تشرف عليه الولايات المتحدة).
إن اقتراح سارجنت غير اعتيادي على الرغم من أن المقارنات التأريخية التي أصبحت شائعة في الوقت الحاضر، ففي أوائل عام 2017 كنت من بين أولئك الذين ظنوا أنهم شاهدوا نهاية القرن الأمريكي، لكن حتى في الأيام الأوَل لإدارة ترامب، بدا من الضروري التمييز بين القوة الأمريكية والسلطة السياسية الأمريكية؛ وبعد مرور عامين يبدو هذا التمييز أكثر أهمية من أي وقت مضى.