هذه نسخة مختصرة من تقرير البنك الدولي الأصلي الذي نشر في عام ( 2018).
نظرة عامة
لا يؤدي الالتحاق بالمدرسة بالضرورة إلى التعلّم، فقد يعالج التعليم عدة علل مجتمعية حينما يُوصّل بطريقة جيدة؛ إذ إنه يساعد الأفراد بالحصول على وظيفة، وزيادة الأرباح، والمحافظة على الصحة، والحد من الفقر، أمّا للمجتمعات، فإنه يحفز الابتكار، ويقوي عمل المؤسسات، ويعزز التماسك الاجتماعي؛ بيد أن جميع تلك الفوائد تستند إلى حدٍ كبير إلى عملية التعلُّم. إن التعليم المدرسي دون حدوث التعلّم هو فرصة ضائعة، وإنه لظلم عظيم: إذ يظلم المجتمع الأطفال الذين يحتاجون إلى التعليم الجيد للنجاح في حياتهم. وبإمكان أي بلد أن يقوم بما هو أفضل في حال اهتم بعملية التعلّم بنحوٍ أكبر، وفي الوقت الذي تتلقى فيه أهداف التعليم الكثير من الدعم نظرياً، بيدَ أنه في الواقع العملي تتآمر أنظمة التعليم ضد عملية التعلُّم. ويرى هذا التقرير إمكانية تحسين البلدان بذلك عبر:
- تقييم التعلّم بجعله هدفاً جاداً؛ وهذا يعني الاستدلال بتقييمات للطلبة لرؤية مدى صحة نظم التعليم (وليس كأدوات لمنح المكافآت أو فرض العقوبات)، فضلاً عن استخدامها لتحديد الخيارات، وتقييم التقدم.
- التصرّف على وفق الأدلة المتاحة؛ لجعل المدارس تعمل لمساعدة المتعلمين. وقد انتشرت الأدلة التي تبيّن الكيفية التي يتعلّم بها الناس بنحوٍ كبير في العقود الأخيرة، إلى جانب زيادة الابتكارات في مجال التعليم. ويمكن للبلدان الاستفادة بنحوٍ أفضل من تلك الأدلة لتحديد الأولويات لممارساتهم وابتكاراتهم الخاصة.
- محاذاة الجهات الفاعلة؛ لجعل النظام بأكمله يعمل من أجل التعلّم. على الدول أن تدرك أن جميع الابتكارات في الفصول الدراسية لن يكون لها تأثير كبير إذا كان النظام لا يدعم التعلّم بسبب العوائق التقنية والسياسية. وبمراعاة هذه الحواجز الواقعية، بإمكان البلدان دعم المعَلمين ذوي الابتكارات الجديدة في الخطوط الأمامية.
حينما يصبح تحسين التعلّم أولوية، يكون التقدم الكبير أمراً ممكناً تحقيقه، ففي أوائل خمسينيات القرن العشرين، كانت جمهورية كوريا بلداً ممزق نتيجة الحرب، واعاق تقدمه انخفاض نسبة المتعليمن فيه. إلا أنه بحلول عام (1995)، أصبح التعليم في المدارس الثانوية الكورية تعليماً عالي الجودة، ويحقق شبانها اليوم أعلى النتائج في تقييمات التعلُّم الدولية. لقد فاجأت فيتنام العالم حينما أظهرت نتائج برنامج تقييم الطلبة الدوليين لعام (2012) (PISA) أن طلبتها الذين تبلغ أعمارهم (15) عاماً عندما كانوا يؤدون المستوى نفسه لنظرائهم في ألمانيا، على الرغم من أن فيتنام كانت دولة ذات دخل متوسط منخفض. وقد حققت بيرو أسرع نمو في نتائج التعلُّم الشاملة بين عامي (2009، و2015)؛ وهو تحسن يعزى إلى إجراءات سياسية متضافرة.
ويتطلب مثل هذا التقدم تشخيصا واضحاً، يتبعه عمل متضافر. وقبل عرض ما يمكن القيام به للوفاء بوعود التعليم، لا بدَّ من التوضيح أنَّ هذا التقرير يلقي الضوء أولاً على أزمة التعلّم من التساؤل الآتي: لِمَ لم تُطِّبق العديد من البلدان مبدأ «التعلُّم للجميع»؛ فهذا الأمر قد يؤدي إلى قراءة مثبطة للهمم، ولكن لا ينبغي تفسيرها بأن جميع الجهود ذهبت أدراج الرياح؛ لأن الكثير من الشباب لا يحصلون على التعليم الذي يحتاجونه. ويوضح بقية التقرير كيف أن التغيير ممكن حدوثه إذا التزمت الأنظمة بـمبدأ «توحيد الجهود لتحيق التعلّم»، مستندةً إلى أمثلة للعائلات، والمعلمين، والمجتمعات، والنظم التي حققت تقدماً حقيقياً.