غزوان رفيق عويد
تُعدُّ الإرادة السياسية الركيزة الأساس في مكافحة الفساد والحدّ من آثاره المدمرة على مقدرات الشعب، ولو افترضنا توافر هذه الإرادة بنسبة ما، فالتساؤل الذي يطرح ههنا هو: ما الآليات أو الخطوات التي يجب القيام بها على المدى القريب، والبعيد لمكافحة الفساد في العراق؛ وبمعنى آخر لو أردنا مكافحة الفساد في العراق بنحو عملي ستكون لآليات المكافحة نتائج واضحة للجمهور، والإعلام، والمجتمع المدني، وستحاكي مصلحة المواطن وتحقيق تطلعاته.
كيف؟ ومن أين نبدأ؟ وإلى أين نريد أن نصل في المرحلة الحالية للحكومة (2018 – 2022)؟ هذه التساؤلات وسواها ستستعرضها الورقة البحثية من منظور استراتيجي لمكافحة الفساد في العراق، وستكون مبنية على تشخيص موضوعي تقدم إلى من لديهم الإرادة السياسية لمكافحة الفساد من سلطة تشريعية ممثلة بمجلس النواب وتنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء.
المحور الأول: المنظومة الرقابية (هيكل الرقابة في العراق)
تتعدد الجهات الرقابية في العراق بنحو كبير، إذ هناك جهات ترتبط بالسلطة التنفيذية، وأخرى بالسلطة التشريعية، وأخرى مستقلة -تعمل تحت إشراف مجلس الوزراء-، ولو تفحصنا هذه الجهات لوجدناها تتمثل بالآتي:
– تشكيلات التدقيق والرقابة الداخلية المرتبطة بالوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة، وتتولى إجراءات الرقابة السابقة للصرف في الوزارة.
– مكاتب المفتشين العموميين المرتبطة بالوزير أو رئيس المؤسسة غير المرتبطة بوزارة، وتتولى أعمال التفتيش، والتدقيق، والتحقيق، وتقويم الأداء في الوزارة، أو الجهة غير المرتبطة بوزارة؛ والجدير بالذكر أنها تصنف بكونها رقابة لاحقة لكنها في الوقت نفسه تقوم ببعض الرقابة السابقة، مثل: تدقيق العقد قبل إبرامه، وتعدّ عينَ الوزير في الرقابة على أعمال الوزارة.
– ديوان الرقابة المالية الاتحادي المرتبط بمجلس النواب، ومسؤوليته الرقابة اللاحقة على أعمال السلطة التنفيذية، وهو مسؤول أيضاً عن أعمال التدقيق على المال العام أينما وجد، فضلاً عن مهامه في تقويم الأداء في الجهات الخاضعة لرقابته، ويعدُّ أعلى مستوى للرقابة في الدولة (الدور الرقابي لمجلس النواب).
– هيئة النزاهة، وهي من الهيئات المستقلة التي نصّ عليها الدستور صراحة، وأخضعتها المحكمة الاتحادية العليا إلى إشراف مجلس الوزراء، وتتولى التحقيق في قضايا الفساد تحت إشراف القضاء، ولها بعض الأدوار الوقائية المتمثلة بملاحقة الكسب غير المشروع، والتثقيفية المتمثلة بنشر ثقافة النزاهة، والشفافية، والمساءلة.
– مجالس المحافظات، ولها دور رقابي على عمل المحافظ، والتشكيلات المرتبطة به، وعمل التشكيلات التي تعمل في حدود المحافظة.