back to top
المزيد

    العراق يتغلّب على مشكلات مكافحة غسل الأموال بفضل القوانين الجديدة

    صامويل روبنفيلد، مراسل في جريدة (Risk & Compliance)، وكتب سابقاً في مدونة تيارات الفساد في وول ستريت جورنال.

    الحكومة العراقية شُطبت في العام الماضي من قائمة المراقَبة الدولية

    عانى النظام المالي في العراق قبل نحو سنوات سبع من عدة مشكلات مالية ومصرفية، وقد أوضح مدققو الحسابات العراقيين للمحققين الأمريكيين في حينها بأن ما يقدر بــحولي 800 مليون دولار من العملة الأمريكية تسرّب أسبوعياً بنحو غير قانوني إلى خارج العراق؛ مما قاد إلى عزل محافظ البنك المركزي عن وظيفته بعد أن أصبح الفساد طابعاً مؤسسياً داخل الحكومة والنظام السياسي في العراق؛ وأدرج البلد في قوائم المراقبة الدولية للدول التي فشلت في مكافحة غسل الأموال.

    ومنذ ذلك الحين، بدأت الجهود في الحكومة العراقية في مكافحة التمويل غير المشروع بالتحسن، ولاحظت هيئات المراقبة الدولية ذلك، وصرّح السيد علي محسن العلاق -محافظ البنك المركزي العراقي الحالي- في مقابلة معه بأن مكافحة الفساد في العراق مثّلت الأولوية الكبرى للبنك المركزي منذ تسنّمه منصبه عام 2014. وبدأت جهوده، وجهود قادة البلد، والخبراء الأمريكيين والدوليين تؤتي ثمارها، وأضاف العلاق قائلاً: “إن هذه النتائج أدّت إلى زيادة ثقة المنظمات الدولية وفتح فرصاً لدخول المؤسسات المالية العالمية العراق”.

    أقرّ العراق قانوناً في عام 2015 يجرّم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأنشأ مجلساً لمكافحة غسل الأموال داخل البنك المركزي، ومكتباً لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ فأصبح المجلس السلطة التي تتولى مهمة الإشراف على الامتثال للقوانين، بينما اهتّم المكتب بالتعامل مع التقارير المختصة بالأنشطة المشبوهة.

    وقد أشار العلاق إلى أهمية إنشاء الهيئة والمكتب كونهما منحا العراق مساراً نحو التعامل مع المشكلات التي واجهت البلد في ذلك الحين، وقال إن تلك الجهود كوّنت البنية التحتية اللازمة لدعم جهود العراق في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

    وصرّح رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أورآسيا (أيهم كامل) -وهي شركة استشارية في مجال المخاطر السياسية- بأن العراق بعد الغزو الأمريكي لم يكن له نظام مصرفي منظم، وعانى من عدم توافر القدرات اللازمة في مجال مكافحة غسل الأموال.

    وأضاف كامل قائلاً: إن الأمور تحسنت الآن بنحو كبير، ويبدو أن الحكومة في موقع تستطيع من خلاله المحافظة على سلامة ونزاهة القطاع المالي العراقي، وستستمر في تعديل لوائحها التنظيمية وإجراءاتها لضمان اتباعها للمعايير الواسعة للمجتمع الدولي والمالي”.

    وعلى وفق تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2017، فإن الإدانات الخاصة بغسل الأموال في العراق ارتفعت بنحو كبير.والجدير بالذكر أن مجموعة المهام المالية (FATF) -وهي هيئة رقابة دولية مقرها باريس- شطبت العراق من قائمة البلدان التي فشلت في مكافحة غسل الأموال.

    وقال جون سوليفان الملحق السابق لوزارة المالية الأمريكية في العراق -الذي يعمل الآن مديراً في (شبكة النزاهة المالية الاستشارية)-: “لقد واجه العراق مشكلات كبيرة على مرّ السنين.”وأضاف: أن الحكومة العراقية أدّت عملاً جيداً في جعل الناس يركزون بما يتعيّن عليهم القيام به في إطار خطة مجموعة المهام المالية(FATF).وقال سوليفان: إن الحكومة حققت تقدماً في مكافحة غسل الأموال، وعزا الفضل في ذلك إلى جهود السيد العلاق.

    ما تزال أمام البنك المركزي وقادة البلد مهام أخرى يتوجب القيام بها.

    يحتلّ العراق المركز 168 من أصل 180 دولة، في مرتبة مماثلة لفنزويلا، في الإصدار الأخير لمؤشر مدركات الفساد، الذي تعده مجموعة الشفافية الدولية.

    لقد صرّح سوليفان بأن الجولة المقبلة من التقييمات التي ستقوم بها مجموعة(FATF) ستركز في فعالية مكافحة غسل الأموال بالعراق، عوضاً عن الاكتفاء بإقرار القوانين الصحيحة ووضع الضوابط الموصى بها.وأضاف: “إنهم بحاجة إلى تنفيذ وفهم القوانين والتعليمات التي أقرّوها، واستخدام الدروس المستفادة من جهود مكافحة تمويل مكافحة الإرهاب في معالجة المشكلة الأكبر، وهي غسل الأموال المرتبط بالجريمة والفساد”.

    وأشار سوليفان إلى أن قدرة البنوك العراقية بدأت بالتحسُّن عبر تطبيق القوانين، إلا أنّ العراق بحاجة ماسة إلى التنمية البشرية في مجال مكافحة غسل الأموال.

    وقال العلاق: “إن المصارف العراقية أحالت قضايا غسل الأموال إلى المحاكم، وإن البنك المركزي سحب تراخيص شركات الصيرفة التي ضبطت في عمليات لنقل الأموال بطريقة غير مشروعة”، وأضاف: “هذه الأدوات ناجحة وهي تقدم نتائج”.

    وأشار (وليد رعد) -هو شريك في شركة EY- إلى أن مشكلات الفساد في العراق تعيق المقرضين العراقيين عن الانضمام إلى المجتمع المصرفي الدولي، وسيعتمد تطوير العلاقات المصرفية المستندة إلى التراسل مع مختلف أنحاء العالم على تعزيز دفاعات البلد ضد الفساد.

    وبيّن السيد رعد أن البنك المركزي يشغل موقعاً محورياً في هذا الجهد؛ لأنه يتحمل المسؤولية عن الإشراف على برامج مكافحة غسل الأموال في العراق. وأوضح: “عليهم أن يظهروا للمجتمع الدولي أنهم يتعاملون مع الفساد بنحو جدي”، وقال: كانت هناك علاقات مراسلة مصرفية “محدودة جداً” فيما يخصّ البنوك العراقية المحلية في السنوات الماضية، لكن الآن نرى قائمة طويلة منها -بيد أنه رفض إعطاء رقم محدد-“.

    وصرّح السيد العلاق: “يبدو الأمر مختلفاً تماماً عمّا سبق، فقد بدأت البنوك الخارجية تتعامل معها!”.


    المصدر:

    https://www.wsj.com/articles/with-new-laws-and-some-help-iraq-turned-around-anti-money-laundering-problems-11551373004