باتت السياحة قطاعاً مهماً ذا تأثير جوهري على تنمية الاقتصادات، إذ تعمل السياحة على توفير فرص العمل وزيادة الناتج القومي للبلدان. وصار القطاع السياحي لكثير من الدول مصدراً مهماً للدخل القومي. وتعتمد قدرة الاقتصاد الوطني لدولة ما على الاستفادة من السياحة بالاستثمار في تطوير البنية التحتية اللازمة، ومقدرة تلك الدولة على توفير احتياجات السياح.
ولدى العراق إمكانات سياحية ومقومات لتطوير هذا القطاع بمختلف أشكاله بعد رسم سياسة واضحة لجذب المستثمرين. وفي هذه الورقة نعرض دراسة عن فرص التنمية السياحية وتحدياتها في العراق، وتأثيرها في الاقتصاد العراقي، ومدى احتمالية زيادة الدخل القومي، وتوفير الكثير من فرص العمل للسكان.
المقومات السياحية في العراق
بعد ٣٧ عاماً من الحروب والأزمات الداخلية المستمرة منذ عام ١٩٨٠ وحتى نهاية عام ٢٠١٧ -حينما أعلنت الحكومة العراقية نهاية الحرب على تنظيم داعش- تسنت أمام صانع القرار العراقي فرصة الحديث عن إمكانية تطوير القطاع السياحي؛ ولكن السنوات الطويلة من الحروب والأزمات خلقت انطباعاً عاماً في ذهنية السائح الأجنبي، فالعراق بلد الحروب الذي لا يريد إلقاء السلاح ذي النزعة العسكرية والمجتمع المسلح، وإن إمكانية السفر إلى العراق لغرض السياحة مغامرة محفوفة المخاطر. فحين إجراء بحث يسير باللغات المختلفة عن العراق على شبكات الفضاء الإلكتروني، تتضح الصورة في ذهنية العالم من صور الحروب والخراب والفساد.
لكن ما الذي يمتلكه العراق ويستطيع فيه أن يغيّر تلك الصورة النمطية ويصير محطة للسفر والسياحة!
إن العراق بلد غني بالتراث القديم لما قبل الأديان السماوية الثلاثة وما بعدها؛ بما يمتلكه من أماكن تأريخية وثقافية وبيئية ودينية، ويقدر عدد المواقع الدينية والتأريخية الأثرية والطبيعية والثقافية في العراق بـ(٦٥٠٠) موقع لم يتم الاهتمام بالأساسيات منها بالنحو المطلوب، فيما تم تجاهل الكثير منها. وإن توجه الحكومة العراقية لرسم استراتيجية في تبني هذه المواقع بالنحو المطلوب سوف يحقق دخلاً هائلاً للاقتصاد العراقي.