الأزمة السائدة
تبقى قضية نقص الطاقة إحدى أكبر التحديات التي تواجه العراق، وعنصراً أساسياً في خطة الحكومة المقبلة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وبرنامج إعادة الإعمار بعد الحرب مع داعش على مدار ثلاث سنوات للأعوام (2017-2014). وقد أدى نقص الطاقة إلى اندلاع الاحتجاجات بالصيف الماضي في العديد من المحافظات الجنوبية ولاسيما البصرة، إذ طالب مواطنوها بالخلاص من الفساد المستشري ونقص الخدمات الأساسية بما في ذلك مياه الشرب والكهرباء()، وقد تعهدت الحكومة بحل مشكلة الكهرباء، لكنها فشلت في ذلك على الرغم من إنفاق أكثر من 40 مليار دولار على هذا القطاع منذ عام 2003؛ وأدى غياب السياسات الواضحة وسوء الإدارة إلى تفاقم المشكلة، واتساع الفجوة بين الطلب على الكهرباء وما توافره الحكومة، وتحويل نقص الطاقة إلى أزمة مزمنة. وفي العام 2012 قدرت الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة (INES) تكلفة انقطاع التيار الكهربائي بـ 40 مليار دولار أمريكي (Booz and Co., 2012)، في حين يقدر بعضهم وصول الخسائر إلى 55 مليار دولار سنوياً من الإيرادات المحتملة بسبب نقص إمدادات الطاقة والوقود (Wahab, 2014). ولم تلاحظ الحكومة على مدى خمسة عشر عاماً الماضية توصيات الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة وآراء العديد من الخبراء والمؤسسات الدولية مثل البنك الدولي (World Bank Group, 2017) التي تتحدث عن إصلاح هذا القطاع الحيوي!.
تتفاقم الأزمة مع نمو استهلاك الكهرباء في العراق سنوياً بمعدل إجمالي (CAGR) بنسبة 7-6 % منذ عام 2003، وتُعزى الزيادة في استهلاك الكهرباء بنحو رئيس إلى الزيادة في عدد السكان وارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق 50 درجة مئوية في أيام الصيف الحارة. ولا يوجد تقدير دقيق لذروة الطلب في جميع أنحاء البلاد، لكن الكثيرين يعتقدون أنها تراوحت ما بين 25 ألف ميغاواط إلى 30 ألفاً في صيف عام 2018، في حين أن قدرة التوليد المركزية قُدرت بـ 15 ألف ميغاواط (الشكل 1). ويُتوقع أن يصل العجز الحالي في العرض والطلب إلى 20 ألف ميغاواط بحلول عام 2022، بينما يتراوح إجمالي الطلب على الكهرباء في عام 2030 ما بين 50 ألف ميغاواط إلى 60 ألفاً مع زيادة معدل نمو استهلاك الكهرباء في السنوات الخمس المقبلة حالما يستهدف العراق الانتقال إلى اقتصاد غير معتمد على النفط (Al-Khatteeb & Istepanian, 2015).