برزت السياحة الدينية في الآونة الأخيرة نمطاً اقتصادياً ذا جدوى كبيرة في ميزانيات الدول والمجتمعات؛ فأصبحت جديرة بالاهتمام الرسمي والمجتمعي إلى الدرجة التي لم يعد يخلو فيها بلد ما من معلم ديني يعزز المنظومة السياحية العامة، ويساعد في دعم الاقتصاد القومي[1].
وقد بات القطاع السياحي العام في البلدان الأوروبية بما فيه قطاع السياحة الدينية يشكل نسبة كبيرة من حيث المشاركة في الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة التي تصل إلى 12.4%، في مقابل نسبة أقل لدى البلدان الشرق أوسطية تبلغ 9.5% فقط [2].
وانطلاقاً من إدراك الأهمية القصوى للجدوى الاقتصادية للسياحة الدينية للعراق، تحاول هذه الدراسة الإلمام بالوضع الراهن لاقتصاديات هذا القطاع الحيوي، ومن ثم بلورة رؤية متكاملة لمستقبله، إيماناً بأهميته كونه من القطاعات الاقتصادية البديلة والجديرة بموازاة النفط في بلد مثل العراق، واستشعاراً لضرورة المضي قدماً في تحديد أولويات التخطيط الاقتصادي، واستكشاف الروافد المالية الأكثر مرونة والأسرع جدوى من حيث القدرة على تعزيز الموازنة العامة للدولة العراقية.
وفي مستهل هذه الدراسة، وجب الإشعار باعتمادها على المنهج الوصفي القائم على استقراء أهم ما يخص قطاع السياحة الدينية في العراق، وكذلك بتركيزها على هدفها العام والخاص، المتمثلين في تحرير السياحة الدينية من قيودها المتسببة في تعطيل مشاركتها المباشرة وغير المباشرة في إنعاش الاقتصاد القومي العراقي.