تشكّل المنافذ البرية أهمية اقتصادية كبيرة للبلدان المتجاورة لما تعطيه من واردات مالية نتيجة التبادل التجاري والسلع والبضائع، وهي أيضاً ممر سياحي لعبور الزائرين والسائحين بين الدول، فضلاً عن أنها بوابات أمنية للبلد.
وكلما كثرت المعابر الحدودية البرية لأي بلد، ازدادت وارداته الاقتصادية، وشكلت محوراً مهماً في قطاع النقل؛ لأنها أحياناً تكون ممرات عبور للدول غير المتجاورة، ولاسيما أن العالم تحوّل إلى أرض متواصلة مع بعضها بعضاً. إن دول جوار العراق أغلبها دولٌ مستهلكة للبضائع والسلع، وفي الوقت نفسه هي منتجة للطاقة النفطية، وبإمكان البلاد استغلال أراضيها الحدودية لتكون معابر ترجع بفوائدها لصالحه؛ وتكون كذلك مورداً يضاف لموارده المهمة كالنفط والسياحة.
يُعدّ العراق من البلدان الاستهلاكية نتيجة تراكمات آثار الحروب، وغياب التخطيط الصحيح، وعدم تطوير منشآت الدولة ومؤسساتها ولاسيما القطاعات الاقتصادية والصناعية والزراعية، على الرغم من امتلاكه ثروة نفطية هائلة يعتمد عليها في موازناته المالية، لكن هذا الاقتصاد الريعي لا يستطيع أن يؤمن متطلبات البلد ومستلزمات وشعبه.
ومن الضروري أن يتجه العراق لتنويع مصادر موارده كزيادة وجود منافذ على حدوده البرية، ومنها مع تركيا التي وصل حجم التبادل التجاري معها في 2017 إلى 30 مليار دولار سنوياً، في الوقت الذي كان فيه دون المليار دولار بين عامي 2003 و2004.
وتسلط هذه الورقة البحثية الضوء في اتفاقية أبرمت بين حكومتي العراق وتركيا لإنشاء معبر حدودي جديد بمنطقة «أوفاكوي» التركية المطلة على شمال العراق، وأهمية هذا المنفذ الجديد من الناحية الاقتصادية والسياسية أيضاً، وأسباب عدم تحويل مخططه على أرض الواقع. وفي نهاية الورقة اُقتُرحتْ مجموعةٌ من الإجراءات التي يجب أن يلجأ إليها العراق للتقليل من مخاوفه من إنشاء هذا المعبر الذي قد يُتَجاوز سيادته بحجة حمايته من قبل الجانب التركي.