ثمة ثلاثة مجالات وعناوين إطارية عامة يمكنها -إذا أحسنّا استثمارها- أن تقدم لنا حلولاً ناجعة ونجاحات حقيقية في مواجهة التطرف سلوكاً وممارسةً وثقافةً، وهذه المجالات تتعامل مع ثقافة التطرف التي تسبقه من جانب، ومن جانب آخر تمثل معالجات لإزالة آثار العنف والتطرف، التي يمكننا إجمالها على النحو الآتي:
المجال الأول: من الواضح أن جانباً من الثقافة الدينية التي يتم نشرها في بعض المدارس والمؤسسات الدينية وبعض الأوساط الأكاديمية ترسخ وعي امتلاك فئة أو طائفة حقيقة الإسلام، وأنها وحدها التي تستطيع أن تستنبط الأحكام الشرعية الصحيحة للوصول إلى الشريعة الصحيحة أو الدين الحق، وذلك يتطلب إشاعة ثقافة دينية منفتحة ومتسامحة من شأنها السماح بالتعددية وقبول الآخر سواء أكان رأياً أم فرداً أم مجتمعاً أم ديناً أم ثقافة، وأن تعزز فرص فهم أفضل للدين والشريعة وأحكامها.
المجال الثاني: إشاعة ثقافة مجتمعية مدنية وديمقراطية، فحيثما تضعف هذه الثقافة تزدهر ثقافة العنف والتطرف بأشكالها المختلفة: الدينية والعرقية والفئوية والجهوية. وتلك مسؤولية «تربوية وأكاديمية وفكرية وإعلامية» بالدرجة الأساس، لذا توجب أن يرعاها جهد وطني تؤسس له الدولة بأركانها الرسمية والمدنية كافة -وتعمل السلطة التنفيذية على تحقيقها بصورة مؤسسية- مشروعاً متكاملاً متضافراً، يأخذ صفة الاستمرارية والديمومة، لا صفة الظرفية المؤقتة.
المجال الثالث: تأصيل قيم التسامح والتعددية وثقافة احترام حقوق الانسان وقبول الآخر وترسيخها من خلال المؤسسات المعنية بالتوجيه والتربية، مما يتطلب أن تأخذ وزارتا التربية والتعليم العالي والبحث العلمي دورهما في هذا المجال، فضلاً عن الأوقاف، ووزارة الشباب والرياضة، والمؤسسات الإعلامية، إذ تقع على عاتقها مسؤولياتٍ جسام في هذا المنحى.