back to top
المزيد

    أزمة المياه في العراق.. التحديات والحلول

    مما لا شكَّ فيه أن العراق مقبل على أزمة مياه في السنوات القادمة؛ بسبب المشروع التركي في جنوب شرق الأناضول الذي هو على وشك الانتهاء والذي سيؤدي إلى تصحُّر العراق -الشريك التجاري الثالث لتركيا بعد ألمانيا والمملكة المتحدة، والمصدر الأول للنفط إليها- الذي بدوره كان منشغلاً في توطيد الاستقرار بعد سنوات طويلة من الحصار الدولي، والاحتلال الأمريكي، وتهديد الجماعات الإرهابية.
    إن صانع القرار العراقي مطالب أكثر من أي وقت مضى باتخاذ قرارات استراتيجية، قبل أن يجد العراقيون بلدهم صحراء متصلة بصحراء الجزيرة العربية؛ وفي هذا البحث عرض للأزمة المائية، ورأي لبعض الخبراء في كيفية معالجتها من طريق حلول استراتيجية تبعد العراق عن الخضوع للإرادة التركية في المستقبل.
    مشروع جنوب شرق الأناضول
    منذ قيام جمهورية تركيا في بداية القرن الماضي، رأت القيادة التركية ضرورة الحاجة للاستفادة من منابع نهري الفرات ودجلة في توليد الطاقة الكهربائية والتنمية الزراعية. وفي سبعينيات القرن الماضي بدأ العمل بخطة مشاريع الري وإنتاج الطاقة الهيدروليكية على دجلة والفرات فيما عرف لاحقاً باسم (مشروع جنوب شرق الأناضول). ومن وجهة نظر الحكومات التركية المتعاقبة كان المشروع عبارة عن برنامج تنمية اجتماعية واقتصادية؛ لتطوير قطاعات الري والطاقة، والزراعة، والبنية التحتية، والغابات.
    وفي الثمانينيات وسعت الحكومة التركية من خطة المشروع ليتكون من ٢٢ سداً و١٩ محطة لتوليد الطاقة، منها ١٤ سداً في حوض الفرات، وأهمها سد أتاتورك، و٨ سدود في حوض دجلة وأهمها سد إليسو، وتغطي منطقة المشروع تسع محافظات، ويمتد المشروع لمساحة تقدر بـ ٣٠٠ ألف ميل مربع عبر حوضي دجلة والفرات.
    إلا أن المشروع توقف في بداية التسعينيات؛ بسبب الحرب الداخلية بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، حيث تسببت الحرب في تخفيض تمويل المشروع، وتدمير العديد من السدود والقنوات، ومقتل بعض العاملين في المشروع. وأدّت الأزمات الاقتصادية خلال التسعينيات، مع الحظر الاقتصادي للأمم المتحدة على العراق، إلى إيقاف تمويل المشروع لأوقات محددة إذ كانت تركيا -وما تزال- شريكاً تجارياً أساسياً مع العراق، ومع مجيء حزب العدالة والتنمية للحكم، شهدت تركيا نهضة اقتصادية واستقراراً سياسياً، وحصل المشروع على تمويل داخلي وخارجي.
    وينبع نهر دجلة من مرتفعات تركيا الشرقية، ولكن المشاركة الرئيسة للمياه العراقية في النهر تأتي من روافد العراق، وتشارك تركيا بنحو ٥١% من تدفق دجلة. وعند اكتمال المشروع فإن مياه نهري دجلة والفرات ستنخفض بنسبة قريبة من النصف؛ مما يحرم المدن والقرى العراقية من نحو نصف احتياجاتها من المياه.
    والجدير بالذكر أن العراق في عهد صدام حسين هدد بقصف سد أتاتورك في عام ١٩٩١ بعد الاحتجاجات العراقية والسورية الشديدة، حينما انتهت المرحلة الأولى من السد على نهر الفرات، وأغلقت تركيا النهر لمدة شهر لملء خزان السد، وأدى العمل بسد أتاتورك ومشاريع الري المنبثقة عنه إلى خفض تدفق نهر الفرات بمقدار الثلث تقريباً، فيما كان غضب سوريا على المشروع عاملاً رئيساً في قرارها في منتصف التسعينيات؛ لتقديم الدعم لحزب العمال الكردستاني.
    من الواضح أن الحكومة التركية ماضية في مشروعها لأنها تتوقع مضاعفة الإنتاج الزراعي وإنتاج الطاقة الكهرومائية في تركيا، وأنها ستزيد أيضاً من دخل الفرد في المنطقة بنسبة 50%. ومن المتوقع أن يضاعف الناتج المحلي الإجمالي من الناتج القومي الإجمالي بنسبة أربعة أضعاف، ويوفر فرص عمل لمليوني شخص تقريباً.

    لقراءة المزيد اضغط هنا

    أحمد حسن علي
    أحمد حسن علي
    حاصل على درجة البكالوريوس في الإحصاء من جامعة الموصل، وبكالوريوس في علوم الكمبيوتر من جامعة دبلن، ودبلوم عالي من معهد دبلن للتكنولوجيا، وتشمل اهتماماته الأكاديمية والتحليلية عن السياسة والاقتصاد في تركيا ودول الخليج.